يتجه كتاب "العقل المؤمن/ العقل الملحد" للكاتب عبد الله الغذامي نحو العقل في محاولة لقراءة حجج الملحدين ومقابلتهم بالمؤمنين من أوساطهم نفسها، فيتساءل أحد الفريقين عن الكون والوجود وما بعد الموت مجيبًا عنها، في حين يرفض الفريق الثاني اتكاءً على الحتمية العلمية كما في نظرية هوكينغ من أن الطبيعة خلقت نفسَها، متجاهلًا رؤيته هو في أنها لا تملك عقلًا؛ فكيف لقوة غير عاقلة أن تخلق قوة عاقلة! ويهدف الغذامي من الكتاب الإسهام المؤثر خاصة وسط وجود تموجات عقلانية مسيطرة على أذهان نسبة كبيرة من الشباب بقراءة غير متحيزةٍ عبر منفذٍ مختلف. واستضاف الغذامي في كتابه سبعة نماذج لعلماء وفلاسفة غربيين دخلوا في نقاشات مباشرة فيما بينهم، فيها ثراء معرف يكشف حال الحجج بين الفريقين، وهو حوار وجدَ فيه الكاتب متعة عقلية ووجدانية، يأمل منه أن يجدَ القراء والقارئات متعة مماثلة مع فصول الكتاب. ويحكي الغذامي أن هناك ثلاث نظريات يقابلها ثلاثة أسئلة، وبينها يقع الإيمان والإلحاد معاً في تقاطعات مرت وتمر بها العقول البشرية، والنظريات هي (الجاذبية، التطور، الإنفجار الكبير)، وهي نظريات كبرى أحدثت هزات عميقة في امتحان سؤال الإيمان بخالق الكون، أما الأسئلة فهي : هل خلق الكون نفسه أم له خالق؟، وما معنى وجودنا في هذه الحياة؟، وما مصيرنا بعد الرحيل؟. ويوضح الكاتب أن المكسب المعرفيّ لكتابه هذا، هو أن هؤلاء وهؤلاء كتبوا كتباً تعرض مواقفهم، ودور الغذامي هنا هو عرض نقديّ معرفيّ لمواقف الفريقين، لذلك كان اختياره للسبعة نماذج، مستحضراً مناقشاتهم مع بعضهم، مما يجعل القارئ والقارئة في حالة حضور ذهنيّ مع المشهد الجدليّ بوجهتيه معاً، وهو مشهدٌ ثريٌّ علميّاً وفكريّاً، وجد فيه الكاتب متعة عقلانية، راجياً الإفلاح في ترجمة هذه المتعة لقرّائه.