Sign up to save your library
With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.
Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Search for a digital library with this title
Title found at these libraries:
Library Name | Distance |
---|---|
Loading... |
تعتبر قضية التغير المناخي واحدة من أكثر التحديات في القرن الحادي والعشرين التي تواجه دول العالم المتقدمة والنامية على السواء، وتعاني البلدان والمجتمعات المحلية في شتى أنحاء العالم من زيادة وطأة التغيرات المناخية بأبعادها المختلفة. وتحدث بعض التغيرات المناخية بشكل طبيعي واعتيادي، كجزء لا يتجزأ من عمل النظم المناخية لكوكب الأرض، ولكن منذ الثورة الصناعية في أوروبا، أصبحت أنشطة الأنسان تُمثل السبب وراء ما يزيد عن 80% من مظاهر التغير المناخي، ويرجع ذلك إلى التوسعّ في استخدام الوقود الأحفوري في الصناعات ووسائل النقل، وإزالة الغابات لأغراض الزراعة والسكن وتطوير البنية التحتية. ومع استمرار سياسات الدول الكبرى في تجاهل الأثر البيئي للتوسع الاقتصادي، ومع سعي الدول النامية للحاق بركب التصنيع والنمو الاقتصادي تعاظم أثر النشاط البشري على البيئة متسببًا في ارتفاع وتيرة وحدة التغيرات المناخية حول العالم.
واستجابةً لهذه التغيرات المتسارعة، وضعت الأمم المتحدة أطر قانونية ومنها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي (UNFCCC) كخطوة أولية للتصدي للتغير المناخي، وبروتوكول كيوتو، بالإضافة إلى دعوة الدول الأعضاء للتوقيع على اتفاق باريس لمكافحة التغير المناخي والتكيف مع آثاره، بجانب عقد قمة للمناخ لتوحيد قادة العالم من الحكومات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني لتعزيز الاستجابة للتغير المناخي، والدعوة لتطبيق مبدأ "عدالة المناخ" أو العدالة المناخية من خلال إلزام الدول الأكثر إضرارًا بالبيئة وتسببًا في التغير المناخي بالالتزام بأكبر قدر من الأعباء المالية لمواجهة هذا الخطر.
وتُعدُّ القارة الإفريقية من أكثر مناطق العالم تضررًا من آثار التغير المناخي، على الرغم من كونها من أقل مناطق العالم إسهامًا في التسبب في هذا التغير، وتساهم إفريقيا بنسبة 3.6% فقط من إجمالي الانبعاثات العالمية للكربون، وتتأثر بشكل غير متناسب بآثار التغير المناخي، حيث أصبح التغير المناخي حقيقة فعلية في إفريقيا، ففي السنوات الأخيرة شهدت القارة الإفريقية العديد من المتغيرات المناخية ذات الآثار الكارثية كموجات الجفاف الطويلة، والتصحر، والفيضانات، والأعاصير، وهي التغيرات التي أصبح التكيف مع آثارها البيئية فقط بالغ الصعوبة والتكلفة، فضلاً عما تحمله من آثار سلبية متعددة على مختلف المجالات.
وفي شرق إفريقيا، ساهمت التغيرات المناخية في تأجيج العديد من الصراعات القائمة، حيث ساهمت موجات الجفاف الممتد في الإضرار بالاقتصاد الصومالي الهشّ منذ سقوط الدولة في مطلع التسعينيات من القرن العشرين، الأمر الذي وفر بيئة مثالية لاعتماد أعداد كبيرة من الأفراد على حمل السلاح كمصدر للإعاشة وانضمام البعض الآخر للجماعات المسلحة مثل حركة الشباب. كذلك ساهم التصحر في تفجر الصراع في دارفور والذي يرجع في جزء منه إلى التنافس بين الجماعات الرعوية والزراعية على الأراضي القابلة للاستغلال الاقتصادي. كما كانت التغيرات المناخية من بين مسببات الصراعات في كلٍ من إثيوبيا وكينيا والتي تسببت في موجة كبيرة من النزوح واللجوء الناجمة عن النمط غير المنتظم لهطول الأمطار والجفاف.