على الرغم من أن مصطلح الكلاسيكية قد استقر بالتعريب في لغتنا المفعمة بالحيوية والكفاءة في احتضان التراث الحضاري ، فإن بعض الهيئات العلمية قد تؤْثر ترجمة الكلاسيكيات بالروائع ، أو عيون الأدب والفكر والثقافة . لكن يظل عبق الكلمة الرصينة الخالدة ألصق بالصيغة المعربة، وأدلّ على خصوبة اللغة بالتلقيح ، وقابلية الفكر والإبداع للنماء الحر المتجدد ، والاعتزاز بالطابع الإنساني للثقافة مهما تمايزت وتعددت ألوانها. والكلاسيكيات العربية التي تقدمها الدار المصرية اللبنانية اليوم للقراء هي ذاكرة الأمة، وضميرها الحيّ الشاهد على تجذر معرفتها وعلومها ، فهي إذ تشمل عيون الأدب بمفهومه الواسع ، وتجليَّات الفكر وإبداع الثقافة في أعمال مأثورة ، معترف بقيمتها على مر الأجيال المتعاقبة، تجسد وعي الإنسان العربي بذاته ، وثقته في إنتاجه التخييلي والعلمي ، وقدرته على صيانته وتأصيله .

فمن يرد أن يتعرف على العقل العربي في أوج توهجه، وعلى الفكر الخلاق في مراحل تكوينه ، وعلى لغة العلوم والآداب والفنون وهي تتشكل بأنساقها وأساليبها الغنية ، فبوسعه أن يتأمل صفحات هذه الكلاسيكيات ؛ إذ لا تكشف عن عبقرية الأفراد المؤلفين لها فحسب ، بقدر ما تتجلى في ثناياها نضارة روح الجماعة ، وقوة أثر الوجدان القومي الذي حرص على صيانتها ، وجعلها من كنوزه الخوالد .