Sign up to save your library
With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.
Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Search for a digital library with this title
Title found at these libraries:
Library Name | Distance |
---|---|
Loading... |
لم تنَل الفلسفة الإسلامية في بلادنا حقها من البحث والدراسة، ولذلك عدة أسباب من بينها أننا صدَّقنا ما رآه بعض المستشرقين من أن هذه الفلسفة ليس لها حظ من الأصالة والابتكار، فهي نُسخ مشوهة من مذاهب يونانية. وأصبح من الشائع في أقسام الفلسفة المصرية إعطاء الأولوية لعلم الكلام أو التصوف، وترك أمر الفلسفة الإسلامية لمستشرقين آخرين يهتمون بها ويُفنون أعمارهم في ترجمتها وشرحها بلغاتهم، ويُصدرون عن الفارابي وابن سينا وابن رشد أعمالًا جليلة لا نظير لها بالعربية. وأصبح لمَن أراد منَّا التعمُّق في دراسة الفلسفة الإسلامية أن يلجأ إلى أعمالهم أو يرحل إليهم في بلادهم. وتلك مفارقة عجيبة!
ومن أسباب جهلنا بالفلسفة الإسلامية أننا لا نعنى كما ينبغي بدراسة الفلسفة اليونانية - وبخاصة أفلاطون وأرسطو وأفلوطين - ولا نُحصِّل من ذلك إلا القشور. وليس من الممكن لمَن لم يتقن دراسة أرسطو – ويا حبذا لو كان ذلك في الأصل اليوناني - أن يُقدِّم دراسة جادة عن أي فيلسوف إسلامي، بما في ذلك الغزالي الذي كان خصمًا لدودًا للفلسفة.
وهناك بصفة خاصة فجوة مهمة في معرفتنا بتاريخ الفلسفة الإسلامية، وأعني بذلك المرحلة الخاصة بفلاسفة الأندلس الثلاثة: ابن باجة، وابن طفيل، وابن رُشد. كانوا متقاربين زمنيًّا ومترابطين فكريًّا. فكان ابن طفيل واسطة العقد: أخذ العلم عن ابن باجة وتأثر به وانتقده في قصة حي بن يقظان؛ وكان راعيًا لابن رشد ومزكيًا له لدى الأمير كشارحٍ لأرسطو. وكان هذا الأخير مطلعًا على أعمال سلفيه، وتأثر بهما، وانتقدهما صراحة أو ضمنًا (في حالة ابن طفيل). وكان ثلاثتهم أشبه بحلقات في سلسلة واحدة، وإن جرت العادة على دراسة كل منهم كأنه جزيرة منفصلة في عرض المحيط.