
Sign up to save your library
With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.
Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Search for a digital library with this title
Title found at these libraries:
Library Name | Distance |
---|---|
Loading... |
كنت أحلم -وأنا طالب جامعي- أن أمضي في طريق طه حسين، فأستكمل تعليمي العالي بعيدا عن مصر. ومرت الأعوام الدراسية، وتفوقت وأصبحت معيدا في الجامعة سنة 1965 وفي قسم طه حسين، واقترب تحقيق الحلم، ولكن جاءت كارثة 1967 لتجهض الحلم، فحصلت على الماجستير سنة 1969، ولم يكن هناك مفر من استكمال الدكتوراه في جامعة القاهرة، ووعدتني أستاذتي سهير القلماوي بأن أذهب في منحة دراسية إلى الولايات المتحدة لاستكمال أدواتي في النقد الأدبي، ودراسة تيارات النقد الجديدة التي أخذنا نسمع عنها، ولذلك ذهبت إلى الجامعة الأمريكية، ودرست فيها ما يؤهلني لفهم اللغة الإنجليزية والكتابة بها. ولكن المنحة التي وعدت بها طارت، وبقي حلم السفر لا يضيع، وبالمصادفة التي حكيت تفاصيلها فيما كتبت، حصلت على فرصة للسفر إلى جامعة وسكنسون- ماديسون، أستاذا زائرا، ولست دارسا. وسافرت بالفعل سنة 1977.
ومنذ أن وضعت قدمي في هذه الجامعة العزيزة على قلبي، عاهدت نفسي أن أحقق في اثني عشر شهرا ما يحققه غيري في أعوام. وبالفعل، واصلت العمل ليلا ونهارا، فكنت طالبا مجتهدا وأستاذا ملتزما، ولم أترك شيئا ينبغي أن أتعلمه إلا تعلمته، ولا كتابا يستحق أن أقرأه إلا قرأته. وكان عاما كاملا مرهقا، امتد من العام الدراسي إلى أشهر الدراسة الصيفية. كما سافرت في أول أغسطس 1977.. عدت في أواخر أغسطس 1978.
وأشهد أن هذه الأشهر هي من أجمل أشهر العمر، لا لأنني عرفت فيها الجامعات الأمريكية للمرة الأولى التي تشبه في بهجتها الحب الأول، ولكن لأنها وضعت قدمي على الطريق المنهجي الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة في النقد الأدبي، وأسهمت في إحداث قطيعة معرفية مع كثير مما كنت أعتقده صوابا من قبل، وما عرفته بعد أن اتسعت حدقتا الوعي المعرفية على كل المستويات.