يُعَدُّ كتاب السنن للبيهقي من أجمع الكتب التي تناولت نصوص الأحكام بكافة صورها المرفوعة وغير المرفوعة؛ إذ رتبه المصنف على الأبواب الفقهية، واعتمد فيه طريقة الكتب والأبواب، وأورد تحت كل باب ما يناسبه من نصوص، وذكر النص بسنده، وبين وجوه الخلاف في الرواية، وبين علل الأحاديث التي يرويها، وما يصح منها، وما لا يصح، وبين غريب الألفاظ، ووجوه التعارض الظاهري بين النصوص، كما وبين فيه أيضا وجوه الخلاف في الرواية، وحكم على رواة النصوص في أحيان كثيرة، وبين علل الأحاديث التي يرويها، وما صحَّ منها وما لا يصح، وبين وجوه الاستدلال المختلفة فيما يتعرض له من أحاديث، وخَرَّجَ نصوص الكتاب؛ مع عزوها إلى من أخرجها من الأئمة، وذكر مِنْ سند هذا المخرج القدر الذي يلتقي به مع سند الحديث عنده، وبَيَّن خلاف الألفاظ في بعض الروايات؛ وفي الكتاب الذي بين أيدينا الآن؛ وهو "كتاب المهذب في اختصار السنن الكبرى" قام الإمام الحافظ المحدث محمد بن أحمد بن عثمان شمس الدين الذهبي باختصار السنن الكبرى للإمام الحافظ المحدث البيهقي؛ وذلك عن طريق حذف بعض الرجال من أسانيد البيهقي؛ حيث بدأ الاختصار من أثناء السند معلقًّا، والذي حذفه من السند صحيح؛ وهذه ميزة عظيمة؛ حيث إنه كفانا البحث عما حذفه من الأسانيد، وحكم عليها بالصحة، وضَمَّنَ لنا بذلك؛ حيث يقول: "وما حذفت من السند إلا ما صح إلى المذكور"، ولم يحذف من متون الكتاب إلا المكرر فقط في مواضع قليلة جدًّا، وكان في بعض الأحيان يختصر الحديث إذا كان مكررًا؛ فيأتي ببعضه الدال عليه، ويحذف الباقي؛ وفي هذا الجزء تناول لكتاب قتال أهل البغي، وكتاب المرتد، وكتاب الحدود، وكتاب الجزية.