تجربة الإشراف والتدريب على إحدى ورش الكتابة السردية، مررت بها كثيرًا واستمتعت بالتدريس فيها والقراءة الجماعية لبعض الأعمال الأدبية العربية والعالمية؛ وتحليلها وطرح الأفكار حولها، ثم النقاش الجماعي بخصوصها، وعقب كل قراءة جديدة لبعض النصوص كنت أكتشف فيها أبعادًا أخرى، وكان هذا يفيدني جدًّا على المستوى الشخصي وينعكس بالتالي على الدارسين، وأيضًا على بعض النماذج التي تخرج من نتاج هذه الورش تكون من الجودة التي تثير الدهشة وتثير الفخر بأن ما زُرع في هذا النطاق الصغير قد أثمر، وعما قريب سيكون بين كثير من محبي السرد.

ومن أكبر دوافعي لقبول التدريس في هذه الورش، بخلاف رد الجميل للإبداع الذى وضعنى في مكانة الكاتب، أنني دومًا أتذكر بداياتي الأدبية والمشكلات التى واجهتني؛ والتي من أهمها عدم قدرتي على الوصول إلى ناقد أدبي أو أحد الكُتاب المعروفين؛ كي يقرأ بعض النماذج مما أكتبه، ويضع أصابعي على أخطائي، ويرشدني إلى أفضل الطرق لتصحيحها، ويعدل من قراءاتي المشتتة إلى قراءة ممنهجة تختصر طريقي، لم تكن على أيامنا قد اكتشفت بعد وسائل الاتصالات السريعة ولا شبكة الإنترنت، وكانت الصحف التى تنشر إبداعًا تعد على أصابع اليد الواحدة، وبالتالي كانت مخصصة للكبار، وكانت مشكلات النشر رهيبة لأن الناشر في الأغلب كان جهات حكومية والنشر بالدور، والدور لو كنت محظوظًا كان سيخصص لك بعد 4 سنوات، وكنا نترصد كبار الكتّاب ونتحلق حولهم ونستمع إليهم، لكن القليل منا من المحظوظين، هم الذين يستطيعون النفاذ إلى أحد هؤلاء الكبار واستمالة قلبه؛ حتى يقرأ ما يكتبون ويعلق عليه، وهذا ما جعلني أشفق على الأجيال الجديدة، وأحاول بقدر الإمكان مد يد العون إليهم، ومن ثمّ صرت أقبل الإشراف والتدريس في هذه الورش الجادة.