يمثل هذا الكتاب، على صغر حجمه، حالة لافتة للنظر في الفكر العربي المعاصر؛ فهو يتناول قضية من أهم القضايا الفلسفية، إن لم تكن أهمها على الإطلاق؛ ألا وهي قضية الوجود؛ وذلك بطريقة غير مألوفة، إذ يتطرّق إلى موضوعه لا عبر تاريخ الفلسفة بل عن طريق تحليل نقدي مباشر لكتاب كبير أراده مؤلفه، وهو المفكر اللبناني شارل مالك (ت 1987)، مدخلاً إلى أعماله الكاملة وعرضاً شاملاً لنظرته إلى الوجود ومراتبه.لذلك فإن الفائدة من هذا الكتاب مثلثة الجوانب: جانب يتعلق بالأساس الفلسفي لآراء شارل مالك، في الدين والسياسية والعلم والحقوق؛ وثانٍ يتعلق بانتقال مؤلف طريق الاستقلال الفلسفي من فلسفة السلطة والسياسة إلى فلسفة الوجود التاريخي والمعنى؛ وثالثٌ يتعلق بالتعُّمق في قضية الوجود بذاتها.وثمة فائدة أخرى يوفرها هذا الكتاب، هي تعلُّم كيف يكون النقد ممارسة فكرية خلاّقة في الفلسفة وفي غيرها من أنواع الكتابة الرصينة. وما أحوج الفكر العربي اليوم إلى مثل هذا التعلُّم.يتضمن الكتاب أحد عشر فصلاً، فضلاً عن المقدمة والفهرس.