لمّا كان النبي صلى الله عليه وسلم رحمة مهداة للناس أجمعين كان من الضروري أن يتمتّع البشر بهذه الرحمة، وذلك من خلال تبليغ رسالته إليهم. ومن هنا كان الدين الإسلامي دين دعوة تفيض بها قلوب الدعاة حبّا للخلق وشفقة عليهم، كما أنّه دين موافق لما فطر الناس عليه من التفاعل الاجتماعي وعدم الانطوائية على الذات ممّا يجعل طبيعة رسالته طبيعة تبليغية دعوية، تتلاءم مع مدنية الإنسان الذي لا مفرّ له من الاتّصال بالآخرين فإمّا أن يكون داعيا وإمّا أن يكون موضوع دعوة، وهناك عدد كبير من المسلمين نشؤوا في بلاد الإسلام ولكنّهم لم يروْا من قومهم ما يحثّهم على التديّن، فتأثروا بثقافات أخرى، فكان من الواجب الاتّصال بهم ودحر الشبهات التي تحول دون اهتدائهم، وهذا لا يرفع اللوْم عن هؤلاء لأنّهم نشؤوا بين المسلمين، فكان من واجبهم أن يعرفوا الدين الذي ينتسبون إليه، وعلى ضوء ذلك جاء هذا الكتاب متناولا بالشرح والتوضيح آليات الإقناع في الخطاب الديني.