كانت ثورة السودان ديسمبر 2018 بداية مرحلة جديدة من حركة احتجاج واسعة، اعتبرها البعض موجة جديدة من الثورات العربية، ومع التسليم بأن أسباب الثورات متشابهة، إلا ان ثورة السودان لها خصوصيتها فهي نتاج انتفاضة طويلة، خاضها الشعب السوداني منذ سبتمبر 2013، وهي نتاج تراكمات الاحتجاج والعمل المشترك بين القوى السياسية والنقابية، وخبرات الشعب السوداني المتفردة، واستمرت قوى الحراك وجموع الشعب السوداني في التظاهر وتقديم التضحيات ما يقارب العام، ومرت الثورة من مرحلة الاحتجاجات الشعبية في ديسمبر 2018 إلى إسقاط رأس النظام عمر البشير خلال أبريل 2019، ثم طالب المحتجون بحكم مدني خلال المرحلة الإنتقالية، مما خلق صراعا بين قوى الاحتجاج والمجلس العسكري، أسفر عن إقرار وثيقة الاعلان الدستورى التى تحدد أسس الانتقال إلى الحكم الديمقراطي وآليات تقاسم السلطة بين المجلس العسكري والمعارضة المدنية، تمثل المرحلة الثالثة للثورة وما تحملها من آفاق وصراعات متعددة الجبهات وسيناريوهات متنوعة أيضا حسب موازين القوى، وحاول الكتاب عبر فصوله الستة، تقديم رؤية تحليلية لمنطلقات الثورة، ودور القوى الاجتماعية والسياسية في التحضير لها، بوصفها عملا تراكميا، فلا تولد ثورة من فراغ، فأزمات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية تشابكت مع أزمة النظام داخليا.