وفي النهاية، فإن الكتاب "تبرير" لا مواربة فيه للإلحاد، وفضلًا عن افتقاره إلى الموضوعية، في مواضع عديدة .... الكتاب مشبع بالعداء الشديد للدين والمتدينين!!

بريان ويتاكر محرر سابق للشرق الأوسط في صحيفة الجارديان البريطانية، مؤلف كتاب: "ما الخطأ الحقيقي في الشرق الأوسط؟" و"الحب الذي لا يوصف: حياة المثليين والمثليات في الشرق الأوسط". وفي كتابه دراسة شاملة لظاهرة الإلحاد في العالم العالم العربي لا تخلو من "تعاطف" مع الملحدين، وتحامل أشد وضوحًا على الدين والمتدينين، وعلى "الثقافة السائدة" في العالم العربي – ومن المؤكد أنها لا تخلو من السلبيات – لكن ما كتبه (رغم أهميته) يبقى "مرافعة" دفاع مفعمة بالحماس عن الملحدين.

ويبدأ كتابه بتقرير أن الغربيين يعتقدون "أن العرب جـميعهم مسلمون ومتعصبون دينياً، لكن الواقع أكثرُ تعقيداً"، فالـمسلمون: سنّة، شّيعة، سّلفيّون،وهّابيّون، زّيديّون صّوفيّون، علويّون، إباضيّون، إسـمـاعيليّون وغيرهـم، وعددٌ متزايدٌ "أعلنوا إلـحادَهـم مؤخراً، أو انضموا إلى اللاأدريّين" أو الشكــَّاك. وهـم غالباً "في الـخفاء"، ومؤخراً أعلنواآرائهم مستفيدين بالانترنت والثورات التي شـجـّعتهم. وفي تـحليله لصلة الإلـحاد بالبنية الاجتـمـاعية الثقافية، يقول إنه حيث يـهـيـمن الدين "على معظم جوانب الـحياة اليومية، يسبّبُ التحدي العلني للإيـمـان والديْن صدمةً للأسرة والـمجتـمع" والـحكومات، وعديدٌ منهم اعتقلوا "لـمجرد البوح بأفكارهـم"، وآخرون منفيون، ويُفضّل معظمهم الكتـمـان. هذه الأصوات الـمعارضة للسائد مشكلة للمجتـمع الـمحافظ ولأنظمة استبدادية تُؤسِسُ شرعيتها الـمزعومة على أسسٍ دينية، والظاهرة على الأرجـح ستـنـمو، رغـم قـمعها. ويرصد ويتاكـر مؤثراً مـهمـاً يعد مصدر سـخط يغذي الإلـحاد بشكل غير مباشر، فالشباب أصبح "أكـثر اطّلاعـاً على العالـم الـخارجي"، وغالباً "يُعبّرون عن استيائهم عند مقارنة" أوضاع بلدانهم بالبلدان الأخرى، وأحد مطالبهم التغيير الواسع. فالدينُ من أسباب السخط، وهو عربياً، (بعيداً عن كـونه مسألة شـخصية) مُسيَّسَة لـحدٍّ كبير ومسؤول عن قيود اجتـمـاعية كثيرة تسبب إحباطاً، وبـخاصة بين الشباب.

وأحد أصول الـمشكلة أنه يُعامَل كـمقدس، ليبقى إنكاره التحديَ الأكبر "مقارنةً بأي قيدٍ أو مُحَرَّمٍ آخر"، رغـم الانفتاح الكبير في الـخِطاب العامّ مؤخراً. وبعض الشباب الـملحد مـمن قابلتهم لتأليف الكتاب ناشطنون "يشكّكون في الدّين"،"ويتَحدّونه علانيةً"، ويرفضون إجبارهـم على قواعد "يفرضها عليهم الـمؤمنون"، وكِلَاهـمـا "يواجـهان صعوباتٍ كثيرةً". ويواجهُ العرب الـملحدون صراعَيْن: مع الدّين نفسه، ومع الـمجتـمعات والـحكومات؛ ويشتركون مع فئات أخرى في سعيهم لنيل حقوقهم وحريّاتهم الشخصيّة (الـمعتقد، التّعبير، الضّمير). ومَنْ لا يـمتثلُ للسّائد عربيّاً، قد يـجدُ نفسه ضـحيةً قوانين الرّدّة. و"مساحةً كبيرة من هذا الكتاب تـخطّت موضوع الإلـحاد لتناقش موضوع الـحريّة الدّينيّة" ما "يهـمّ الـمؤمنين وغير الـمؤمنين" معاً. وعربياً "تلْقى معتقدات الأقليّات الدينية قبولاً أكـثر من الإلـحاد"، و"الكفرَ الصريـحَ بالله يُقابَل .... بنفورِ"، ويؤكد ويتاكر أننا لا نستطيع القول بأنّ الـحرية تـحققت إلا "عندما يصبح الـملحد مقبولاً بين العامة".