يرجئ الكاتبان في هذا الكتاب الاعتبارات والنقاشات الأيديولوجية والسياسية حول الأسباب والاعتبارات والأهداف وراء احتلال عام ١٩٦٧م، ويركزان بدلا من ذلك على فهم طبيعة الاحتلال، وطرق عمله، وتطوره، وبنيته، والقوى المختلفة التي تساهم في ديمومته، والأدوات القانونية والمادية التي توظف من أجل ذلك؛ إلا أن هذا الإرجاء المؤقت -والذي هو ضروري كي يتمكن الكاتبان من التفرس في الاحتلال وتعقيداته- يبقى إرجاء مؤقتا؛ بمعنى أن الكاتبين لا يكتفيان في نهاية المطاف بتقديم تحليل بنيوي، ولا بالوصف المفصل للاحتلال؛ وإنما يعودان في نهاية الكتاب ليتخذا موقفا سياسيًّا فكريًّا أيديولوجيًّا واضحًا من الاحتلال؛ وبالتالي فإن الرؤية المركبة، والخوض في التفاصيل لا يأتيان على حساب الحسم الأخلاقي والسياسي الواضح؛ الذي لا يقبل التأويل أو المساومة على المبادئ الأساسية؛ وبهذا المعنى يعطي الكاتبان كل المساحة والوقت الضروري للتوصيف والتحليل بداية، ثم يعطيان كل الوقت الضروري لاتخاذ الموقف السياسي الواضح؛ دون أن يؤثر الموقف الأيديولوجي الفكري على رصانة التحليل، ودون أن يلغي التحليل المعمق ضرورة اتخاذ الموقف السياسي الواضح؛ وعليه فعندما يعود الكاتبان إلى السياسة تكون عودتهما إلى نقطة جديدة، ويكون عالم المصطلحات والمفاهيم الذي سبكاه وصاغاه مفعما بدلالات جديدة؛ جرى تطويرها واكتسابها خلال البحث في التفاصيل، ولقد جاء الكتب مقسما إلى خمسة أقسام تناولت المقدمات، والتاريخ الموجز لنظام الاحتلال، وتشكيلات العنف، والنظام الإسرائيلي، ونحو نظام جديد، وكولونياليّة؛ ديمقراطيّة واحتلال، والقوميّة والديمقراطيّة، وثورة نظام غير عنيفة، وفي سبيل اليوتوبيا.