يبقى هاجس الأمن القومي الأمريكي أكبر الهموم التي تؤرق الإدارات الأمريكية المتعاقبة والمختلفة، إذ ترسخت أفكار لدى النخب السياسية الأمريكية، مفادها أنه لا مستقبل ولا رفاهية ولا تقدم من الناحية الاقتصادية من غير ضمان هذا الأمن وحمايته وديمومته، ولذلك تسعى الإدارات الأمريكية وصناع قراراتها للسياسة الخارجية دائمًا إلى تبني إستراتيجيات عدة، لتحقيق هذا الهدف الأسمى، وبحيث تكون هذه الإستراتيجي ة متلائمة، ومتكيفة مع مرحلتها، والظروف المحيطة بها، لتلافي الأخطار التي تحدق بهذا الأمن، ووسيلة هذه الإستراتيجي ات هي السياسة الخارجية التي تنتقل فيما بعد من وسيلة إلى هدف، وتكمن أهمية الأجهزة الاستخبارية في كونها أحد المصادر الرئيسة والأساسية لمد صانع القرار الأمريكي بالمعلومات التي تسهم في عملية صنع القرار السياسي بشقيه الداخلي والخارجي، وفي بعض الأحيان يكون لهذه الأجهزة القول الفصل في الأحداث، كما حدث في المعلومات التي قدمتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (C.I.A) عن العراق، واعتمدها صانع القرار السياسي الأمريكي في إدارة الرئيس (جورج دبليو بوش)، ويسلط هذا الكتاب الضوء على الأمن القومي الأمريكي، مفهومه، وجذوره، وتحدياته، وإستراتيجيات تحقيقه، وتسليط للضوء أيضا على الأجهزة المهمة الموكولة إليها حماية هذا الأمن وصيانته، ومد للباحثين بما هم بأمس الحاجة إليه من خزين معلوماتي كبير عن هذا المفصل المهم من مفاصل السياسة الخارجية الأمريكية.