
Sign up to save your library
With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.
Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Search for a digital library with this title
Title found at these libraries:
Library Name | Distance |
---|---|
Loading... |
لاشكَّ في أنَّ البحث في جماليَّة الخطاب الشعريّ الحديث لهو بحث اختلافي أو إشكالي ، فهو بقدر ما فيه من المغامرة والمتعة فيه من الصعوبة والمشقة والاستعصاء التقييمي؛ ولا نبالغ إذا قلنا بقدر ما فيه من المنزلقات والمتناقضات الكثيرة التي تجعل المجال مفتوحاً للمحاججة والمساءلة والاختلاف في أغلب الأحيان؛ لأنَّ البناء الشعري الحداثي – بطبيعته بناء إشكالي، ومادمت تبحث في الخطاب الإشكالي فلابُدَّ من أن تكون أحكامك إشكاليَّة؛ شأنها في ذلك شأن بنية الخطاب الحداثي ذاته.ومن أجل ذلك، تطلّب البحث منَّا الاشتغال على حقول معرفية عديدة؛ للخلوص إلى أحكام منطقية تقارب هذه التجربة من صميمها، لمحاولة فكِّ رموزها ومستغلقاتها النصّيّة، وفي اعتقادنا أنَّ كلَّ تجربة شعريَّة جديدة تجاهد أن تجذّر إبداعها على حداثوية اللغة والرؤيا معاً هي تجربة جديرة بالمتابعة النقديَّة والكشف النقديّ البارع، وهذا ما ينطبق تماماً على تجربة الشاعرة العراقية، بشرى البستاني، التي تملك خصوصيتها الإبداعية الفذة القادرة دوماً على ملامسة دواخل المتلقي، بمركبات قصائدها اللغويَّة المبتكرة، وفضاءاتها التصويريَّة المراوغة بإيقاعيها [البصري والصوتي] معاً، ولا نبالغ؛ إذا قلنا إنها من الشاعرات العربيات القلائل التي تميَّزت قصائدها بإيقاعاتها البصرية وحنكتها التصويريَّة في شعرنة السرد بإيقاع رشيق حداثوي للغاية.وبهذا التصوّر، جاءت مقاربتنا النقديَّة الموسومة [في حداثوية الحداثة (بشرى البستاني) أنموذجاً)] لتضع بين يدي القارئ منطلقها الدرسيّ من النصّ وإلى النصّ، بوصفه: الإحالة المرجعيَّة التي لا تقبل التزييف والتحريف لكونه نابعاً من الباطن والجوهر، وما يمس الجوهر لا يكون إلاَّ صادقاً وحقيقيًّا؛ لكن هذا لا يعني إطلاقاً إهمالنا لكل ما يحيط بالنصّ من جوانب وهوامش ومؤثرات، لأننا نعي أنَّ الكثير من مستغلقات النصّ ومحفّزاته الإبداعيَّة ترتكز على هذه الهوامش والدلائل للوصول إلى مغزى النصّ ووجهه المضيء.وتأسيساً على هذا، جاءت الدراسة بفصولها الاربعة لتكشف عن هذا الوجه المضيء في قصائدها على المستوى الجماليّ، لتضع نصب عينيها حداثة الخطاب وحداثاوية الرؤيا، التي تخلق لذة الكشف ولذة المغامرة؛ خاصَّة فيما يتعلق بالإيقاعات البصريَّة ووقعها جماليًّا على بنية الخطاب.ولعلَّ أبرز ما حاولت الدراسة الكشف عنه [حداثاوية المنظور الشعريّ] الذي تملكه بشرى البستاني في تشكيل قصائدها بالإفادة من الفنون الأخرى كـ [ فن السينما- والمسرح- والقصة- والرسم- والموسيقا ] وغيرها من التقنيات المعاصرة؛ التي كانت الخلفية الجماليَّة لغنى الكثير من قصائدها على المستويات كافة.