يعَدُّ الاستيطان أحد الدعائم الأساسية للمشروع الصهيوني؛ من أجل إيجاد وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، وفرض الأمر الواقع أمام الرأي العام العالمي، وقد لعب الاستيطان مع الهجرة اليهودية دورًا مهمًّا في تحقيق أهداف الأيديولوجية الصهيونية حول الأرض والحدود؛ حيث رأت الحركة الصهيونية أن خير طريق لبلوغ أهدافها في تكوين الدولة هو بناء شبكة من المستعمرات في الأرض العربية؛ تشكل قاعدة أساسية للدولة اليهودية؛ ومنذ الأيام الأولى للمشروع الصهيوني سعت القيادات الصهيونية إلى جعل مسألة الهجرة والاستيطان تحتل مكانًا بارزًا، بل رأت أن السياسة المنظمة لعملية الاستيطان هي التعبير العملي للعقيدة الصهيونية، وعليها تتوقف إقامة الدولة اليهودية المنشودة، وقد سعى قادة "إسرائيل" بعد سنة 1967م لتثبيت هذا النهج، والاقتداء به، وترسيخه؛ وآية ذلك أن المستعمرات اليهودية التسعين؛ التي أقيمت في الأعوام العشرة الأولى من الاحتلال؛ إنما كان القصد منها تحديد الحدود الجديدة للدولة اليهودية؛ مثلما حددت مستعمرات حقبة "ما قبل الدولة" تخوم السيادة اليهودية، إذ أعلنت جولدا مائير (Golda Meir): "إن الحدود هي حيث يقيم اليهود، لا حيث يوجد خط على الخريطة"؛ وفي هذا الكتاب تقديم لصورة أقرب إلى الواقع لما يدور في الضفة الغربية المحتلة من ظلم وطغيان صهيوني؛ بالاستعانة بعدد وافر من المصادر المختلفة الأبعاد، والخطيرة، والمتصاعدة لجرائم وإرهاب المستوطنين ضد المواطنين الفلسطينيين؛ وذلك تحت سمع وبصر السلطات الإسرائيلية المحتلة، ولهذا كانت الأربعة فصول الخاصة بالكتاب بمثابة توثيق فتنقل فيها المؤلف من الفكر الاستيطاني وتطبيقاته إلى خصائص المجتمع الاستيطاني، وأخيرًا إرهاب المستوطنين، وتناولت هذه الفصول الفكر الاستيطاني وتطبيقاته، وخصائص المجتمع الاستيطاني، وأطوار الإرهاب وأشكاله، وأخيرا الممارسات الإرهابية.