تمثلت قضية تداخل الأجناس الأدبية وانفتاحها على بعضها البعض أحد أهم التطورات التي دخلت إلى القصيدة العربية الحديثة، إذ انشغل الشعراء العرب كثيراً في استعارة معطيات الفنون الأخرى القريبة والبعيدة إلى فهمهم الشعري ولاسيما معطيات الفن المسرحي. وقد قاد هذا الاعتقاد الأخير بتحول النص الشعري من الغنائية إلى الدرامية الموضوعية بسبب غياب الحدود بين الأجناس الأدبية.إنّ لكل مذهب أدبي جانبين: جانب فني يتعلق بوسائل الأداء وجانب فكري يعكس حياة المبدع ومشاعره وهمومه. فالجانب الأول هو حصاد أدبي عام ومحاولة ترجمة الشعور عبر انزياحه الزمني وما طرأ عليه من تطورات، وأن الأول أساس الذي يطمح الوصول إليه الأخير.إن اتجاه القصيدة العربية الحديثة نحو الدرامية سواء في مضمونها الشعوري والفكري أم في بنائها الفني بالبحث في مجالات أوسع للتعبير كما هي أصبحت حاجة لدى الشعراء في التعبير عن التجربة الجديدة لما آلت إليه حاجة شعراء التجربة الجديدة إلى أنماط وتقانات جديدة متعددة من البناء، كذلك عمق وسعة التجربة الحضارية التي تبلورت في العصر الراهن على الرغم من تعقيدها وتنوعها. فضيق هذه الفنون الأدبية في قوالب التجربة الحياتية وأفادت الشاعر في تمهيد وحب خلجات النفس والشعور في قالب الفنون الأدبية والشعر الدرامي هو أسمى أنواع الشعر, صنع تحولاً جذرياً وشاملاً في بنية القصيدة فتبنت فكرة التغيير واستلهمت معطيات واستحضرت أدوات ومفردات وجسدت القصيدة وألبستها حُلى ودرر أرقى وأنقى مع قصد به ووعي.