تتناول هذه الدراسة إشكاليات الهجرة والمعارضة في الدولة الإسلامية الأولى، انطلاقاً من المرحلة السابقة على الهجرة التي كان لها تأثير ما في التغيرات التي شهدتها المدينة، مستهلاً بمدخل عن البنية القبلية للمدينة (يثرب) قبل الإسلام، بينما توقف في الباب الأول عند الهجرة ودور الأنصار في نشوء الدولة الإسلامية الأولى، ودورهم في الصراع مع اليهود وكذلك دورهم في السرايا والغزوات، فضلاً عن الخلافة التي حسم أمرها للمهاجرين في مكان لبني ساعدة (من الخزرج) أو ما عرف بالسقيفة، وتناول الباب الثاني الانقسام القبلي في المدينة، معبرة عنه حركة النفاق وذلك من خلال نظرة جديدة راعت التناقضات الداخلية التي نشأـ في ظلها هذه الحركة، أما الباب الثالث والأخير الذي حمل عنوان "زعامات أنصارية في عهد الرسول"، فقد تناول أنموذجا، شخصيتين بارزتين أعني بهما أبا أيوب الأنصاري، من نخب الأنصار وأول من استضاف الرسول في دارة بالمدينة وآخر ولاة علي على المدينة والمجاهد شيخاً في الحملة إلى القسطنطينية، حيث استشهد تحت أسوارها في منتصف القرن الأول للهجرة، وقيس بن سعد بن عبادة، الذي كان أبوه مرشحا شبه إجماعي للخلافة من جانب الأنصار، ثم رفض البيعة لأبي بكر، مؤثرا الانزواء بعدها في حوران، كما قام هو –أي قيس- بدور كبير في أواخر الخلافة الراشدية، وكان سيفه آخر سيف أغمد في الدفاع عنها، إلى درجة دفعت معاوية بن أبي سفيان إلى إجراء صلح خاص معه.