ليس من شك أن تفاعلات القوى والكيانات المحلية والدولية وانتقال مراكز النفوذ والهيمنة والسيطرة مع تزايد رغبة أصحاب هذه المراكز فى الاحتفاظ بها وما يتطلبه ذلك من حيازة للقوة بأشكالها المادية وغير المادية.. كل ذلك أدى إلى نشوء الأزمات وتفاقمها، كما أن الإبداع والتطوير والارتقاء بالوسائل المادية وما حققته الدول المتقدمة فى مجالات الزراعة والصناعة والمواصلات والاتصالات لم يحل دون وقوع الأزمات، بل أدت كل العوامل السابقة إلى اتساع نطاق الأزمات وظهورها بشكل مضطرد إلى الدرجة التى دفعت العلماء للدعوة إلى إسهامات تنقذ ما يطلق عليه "حضارة الأزمة " أو تعالج "أزمة الحضارة".فعلى الرغم من أن حدوث الأزمات قديم قدم التاريخ، فإن وعى متخذى القرار بأهمية إدارة هذه الأزمات لم يتبلور إلا فى السنوات الأخيرة، حيث كان لتاريخ الأزمات وتنوعها بشكل ملحوظ تصاعد التحولات الحادة فى المواقف والاتجاهات وتلاشى حدود البعد الزمانى والمكانى بين مواقع الأحداث وبين من يتابعونها عن كثب، وتخلى الدول عن محليتها وتقوقعها داخل حدودها الوطنية، وازدياد إحساس الكيانات الإدارية بأنها جزء من عالم أكبر وأوسع من عالمها الخاص والمحدود.. كل ذلك أدى إلى إحساس متعاظم بعالمية الأزمة، مهما كانت محليتها، وقد كان لوسائل الإعلام واهتمامها بالأزمات أثره فى بروز أهمية مفهوم إدارة الأزمة مهما تضاءلت آثارها أو أحاطت بها حواجز العزلة والتجهيل.