جدل الاستشراق والعولمة

ebook

By د. نديم نجدي

cover image of جدل الاستشراق والعولمة

Sign up to save your library

With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.

   Not today
Libby_app_icon.svg

Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

app-store-button-en.svg play-store-badge-en.svg
LibbyDevices.png

Search for a digital library with this title

Title found at these libraries:

Loading...

كتاب " جدل الاستشراق والعولمة ، تأليفد. نديم نجدي، واذي صدر عن ار الفارابي للنشر والتوزيع ومما جاء في مقدمة الكتاب :جلّنا يعاني اليوم، ارتباكاً ناجماً عن ضياع بوصلة التوجيه، ما لم نقل الانتماء إلى ما كان يتحدّد بموجبه الفرق بين اليمين واليسار، الرأسمالية والاشتراكية، الغرب والشرق... إلخ. وقِس على ذلك، الكثير مِنْ حدود الفصل بين ثنائيات، حكمت وعينا في السابق بما نريد... وبما نسعى إلى تحقيقه من أهداف واضحة وضوح الضد منها. هكذا بدا مشهد الاصطفاف قائماً على ما تفرضه ضرورة الاقتناع بأحد الطرفين، فبالضد من الطرف الثاني تتآلف العامّة وتحتشد بطبيعتها في التنديد بالمظالم التي يتسبّب بها الآخر، لكونه آخر مختلفاً عمّا تعتقد به الأنا في السرّاء والضرّاء وحسب. ولا يبدو أن في التاريخ، ثمة منطقاً آخر يمكنه أنْ يجاري غواية مثل هذه الثنائيات المتقابلة عند العامة التي تستجدي الانحياز التام إلى اليقين الذي مِنْ شأنه أنْ يرسّخ تآلف أية جماعة، في أطر وأحزاب، أقوام أو عشائر، تتلاحم بقوّة ثابتة، لا يمكن أنْ يزعزع صلابتها عقل فذّ، ولا فكر نافذ، قبل أن تستنفد هي بذاتها مرارة التجربة. بعدئذ تستجيب من تلقاء نفسها للرأي المخالف الذي لن يستوي بدوره، إلا بعد مخاض عسير، حتى يرسو على ما يتضح من بعده الموالي عن المناوئ، المناصر عن المعادي... وهلمجراً. لهذا، يمكن القول إننا نعيش اليوم، مرحلة ضبابية حسّاسة، عبقت في أجوائنا الفكرية-السياسية مِنْ جرّاء اختلال التوازن الناجم عَنْ تداعي المنظومة الاشتراكية، أحد طرفي هذه الثنائية التي قسّمت العالم بين رأسمالي واشتراكي. لربما نشهد ولادة جديدة، ستنجب، حكماً، إجابات عن أسئلة صعبة، لا أمل لرأسمالية السوق في أن تجيب عنها بغير الدعوة إلى الانهماك والتلهي في الاستهلاك. قدرنا أن نشهد كيف تتخبط العامّة، يميناً وشمالاً، انبهاراً وتعصباً، ساعة لا يتوافر أمامها أي خيار، غير المفاضلة بين ما في السماء وما على هذه الأرض، بين الارتماء في حضن التراث، أو الانجراف في حداثة كهذه؛ لعلّنا نعيش اليوم لحظة غير «شعبوية»، نظراً إلى تواشج العالم وتشابكه على ما جعل الفروق بين الشيء ونقيضه، مطمورة خلف دهشتنا بجديد العولمة وذهولنا من نتائجها؛ ليتصعب على العامة أمر اختيار الحسن، وهو مندس بالسيِّئ، خصوصاً وأن جديد العولمة يشعّ ألقاً، تزوغ معه الرؤية النافذة لتمييز الصالح من الطالح فيها. ثمّة ارتباك إذاً، تعيشه القوميات في عالم اليوم، بعدما أطاحت العولمة القوالب الجاهزة والأفكار المسبقة عن الآخر، مقلّصة المسافات ومقوّضة الحواجز القائمة، بين الأنا والآخر على النحو الذي صارت فيه العوالم متقاربة ومتجاورة إلى حدّ، بات معه الكلام على الغريب النائي، ضرباً من الغباوة. فبعدما أضحى التفاعل بين الشعوب، سمة راهنة، عزّزت التقارب، ونقضت الكثير من الظنون المكرّسة التي كانت في عقائد أيديولوجية متنابذة ومتصارعة، تغذت بها الصور النمطية المتبادلة بين فعل الاستشراق وردّة الفعل عليه. إذ يمكن اعتبار العولمة بمثابة إعصار، باغتنا في عقر دارنا، من دون استئذان، حاملاً معه، تكنولوجيا «أداتية»، لا مجال لردّها ضد مصدرها الغربي، رداً على ثيمته الاستشراقية التي جعلتنا نشك في كل ما يرسله إلينا؛ فلا ثقة بعدالة الغرب وديموقراطيته ونزاهته عند شعوب، آلمها الرأي المجحف بها، وهذا ما جعلها ترتاب دوماً من صاحب النظرة الاستشراقية، على الرغم من أنه شذب بعضاً منها وعدّل من بعضها الآخر، بما يتلاءم مع تحولات العولمة التي قرّبت المسافات بين الشعوب والحضارات التي كانت متشرنقة في هويات، اتسمت ببعد ميتافيزيقي، قبل أن يتعرّى الإنسان من اختلافاته المختلقة، ليظهر على حقيقته، كما هو، لا فضل لصيني على سويدي، ولا لعربي على فرنسي، ولا لأبيض على أسود إلا بما اكتسبه في بيئته الجغرافية ومنشئه الاجتماعي. فالجرح الذي بضعه الاستشراق في وعي شعوب الشرق، كان له أثر دامغ في العلاقة الراهنة بين العالمين. وعليه، ففي خضمّ التفتيش عن صلة الاستشراق بالعولمة، لم أكابد مشقّة كبيرة، كي ألتقط مفاصل العلاقة العضوية المحتدمة بين الاستشراق الذي عبّر عن الأسباب الوجيهة لسياق مرحلة تاريخية معينة؛ والعولمة التي عكست بدورها أسباباً مغايرة لمآل الحضارة الغربية المتمركزة اليوم في نطاق جغرافي، بات اليوم أقرب إلينا من البارحة، بفعل التحولات الاستراتيجية للعولمة، لدينا ولديهم. إن فرضية بحثي عن النتائج المترتبة على اصطدام ثوابت الاستشراق بتحولات أو بمتغيرات العولمة على الصعيدين...

جدل الاستشراق والعولمة