يبقى خلاف الشيعة مع جمهور المسلمين في شأن السلطة أكثر تعقيدا، وأعمق نزاعا، تترتب عليه آثار أمنية ضارة، وبهذا أيضا يظل المسلمون عامة في شقاق كبير من أمر السلطة، ومن ثم أمنهم أكثر دنوا من الانفلات، وأقرب مسافة من الاشتعال، في حين تجاوز غيرهم نزاعاتها بحلول مرضية، ضمنت لهم نسبيا الأمن الاجتماعي، والاستقرار السياسي، والازدهار الاقتصادي، والتقدم العلمي، بعد أن أجمعوا على عزل سلطان الكنيسة عن سلطان الدولة، وتفويض الخيار الأول والأخير إلى إرادة المجتمع الحرة، بينما الأمر في دار الإسلام ما زال باقيا على ما كان عليه من خصومة سياسية، معززة بمجادلات كلامية، وربما اقتتال طائفي؛ لأن في المسلمين أقلية منهم ما زالت تأبى أن تكون إرادة البشر هي المعول عليها أصلا في نصب السلطان وعزله، وتبني على ذلك تنظيرها السياسي بكل ما يترتب عليه من خلل في التأصيلات العقدية، والفكرية، والأمنية، على نقيض ما عليه جمهور المسلمين، ونتيجة لهذا التباين صار كُلٌ يتوجس خيفة من الثاني، ويرتاب من كل فعل سياسي يأتيه.!