
Sign up to save your library
With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.
Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Search for a digital library with this title
Title found at these libraries:
Library Name | Distance |
---|---|
Loading... |
هذا الكتاب محاولة للإجابة عن سؤال مفصلي هو:
هل الإنسان مقاتل بـ "الضرورة"؟ أم مقاتل "عند الضرورة"؟
التصورات التي تستهدف فهم/ تفسير العنف (والحرب) تتأسس على التصورات التي تصل حد التناقض للطبيعة الإنسانية، وترمز إليها نماذج من أكثرها شهرة، الخلافات بين الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز من القرن السابع عشر، والكاتب الفرنسي جان جاك روسو، من القرن الثامن عشر. عرف عن هوبز مقولته الشهيرة بأن حالة الطبيعة هي: "حالة حرب"، وأن البشر مدفوعون لقتال بعضهم بعضاً بنوازع:
المنافسة
والخوف
والغرور.
بل إنه يمد الخط على استقامته ليشمل دوراً حاسماً لـ "السيف" كضمانة وحديدة لسريان المواثيق، فـ "المواثيق – في غياب السيف – ليست سوى كلمات".
أما جان جاك روسو، فدعا إلى رأي مخالف تماماً، فحواه أن الإنسان عندما كان في حالة الطبيعة كان مسالماً و"وحشاً نبيلاً" وأن الحرب لم تظهر إلا مع ظهور الدول والانقسامات السياسية.
وفي واقع الأمر، فإن الآراء التي ينسب بعضها الحرب إلى الطبيعة الإنسانية، ويعزوها الآخر إلى التربية، تمتد جذورها في الماضي حتى عصر الإغريق، كما تتطاول شجرتها لتغطي ساحات الجامعات الأميركية في الحاضر. ففي عام 1940 دافعت عالمة الانثربولوجيا الرائدة مارغريت ميد، عن فكرة روسو في كتابها بعنوان: "الحرب ليست سوى اختراع، وليست ضرورة بيولوجية". وقد قالت في مؤلفها ذاك إن الحرب ليست خاصية عضوية في البشر، بل هي مجرد "حادثة تاريخية".
ولكن يبدو أن حجج هوبز تعززت في الآونة الأخيرة. وقال روسكو من جامعة ماين، إن الآراء الشبيهة باراء ميد، ليست سوى نوع من التفكير الرغبوي، من قبل بعض علماء الأجناس وأضاف روسكو "لقد درس هؤلاء العلماء بعض القبائل ولم يكونوا راغبين في تغذية الصور النمطية حول المتوحشين المتعطشين للدماء".
وقد أثبتت الدراسات الحديثة للقبائل البدائية، وهي دراسات تتبنى منظوراً مادياً داروينياً، أن الحرب كانت ظاهرة تكاد تكون شاملة قبل أن يظهر الأجانب بين ظهرانيهم. وبينما كان علماء الأجناس يتقصون جذور الحرب ويرجعونها إلى ما قبل التاريخ، فان دارسي العالم الحيواني من علماء الأحياء يتوصلون، هم أيضاً، إلى استنتاجات مزعجة عن أقرب الكائنات إلى الإنسان.