إعلام الطفل

ebook إعلام الطفل

By د. أشرف قادوس

cover image of إعلام الطفل

Sign up to save your library

With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.

   Not today

Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Download Libby on the App Store Download Libby on Google Play

Search for a digital library with this title

Title found at these libraries:

Library Name Distance
Loading...

كثيراً ما نهتم بمجتمعاتنا العربية بإعلام المواطن في غفلة منا بأن طفل اليوم يتمتع بحقوق وواجبات المواطنة، وأن بناء المواطن يبدأ منذ الصغر (وجميعنا يعلم بمقولة: التعليم في الصغر كالنقش على الحجر) إلا أننا نقصر صورتنا الذهنية والمعنى الدلالي للتعليم على عملية التعليم المنظم التي تختلف بدورها عن عملية التعلم وكلاهما يستمر باستمرار حياة الإنسان.

وعليه بعضنا يغفل أو يتغافل عن حقوق أطفالنا رجال الغد، بل ونلوم تصرفات بعضهم دون أن نلوم أنفسنا عن التقصير في حقوقهم، ومن هذه الحقوق حق الإعلام وتحصيل وتداول المعلومات وحرية الرأي والتعبير، التي تعد كل منها بمثابة قضايا يئن منها العالم العربي اليوم.

فماذا لو أدرك أجدادنا ما نعانى منه اليوم؛ من تشتت في الصف وتفرق في الوحدة وما نعاصره من اختلاف حاد في الرأي ومظاهر عدم احترام رأى الآخر وعدم احترام حريته فيالتعبير وعدم إدراك حدود الحرية المسئولة وهذا ما ينعكس في الوقت الراهن على أغلب شاشات التلفاز وتبرزه وسائل الإعلام عربية كانت أم غربية، مما يؤثر في صورة العرب بل وصورة المسلمين فى العالم، فأسأنا لأنفسنا وأسأنا لديننا.

فإذا كانت رسالة الإنسان في الأرض وتكليفه من الخالق عز وجل هي إعمار الأرض، فأين نحن منها الآن وسط ما نشهده من فساد وعبث في الأرض؟ وهنا يكمن بيت القصيد فأحد ركائز هذا الإعمار هو حسن تربية الطفل وتثقيفه ومما لا شك فيه أن وسائل الإعلام تشارك كل من الوالدين والمدرسة في تثقيف الطفل، سواء أكان ما تبثه مرغوب في إكسابه للطفل أو غير مرغوب فيه.

لذا يعد تناول موضوع إعلام الطفل من الموضوعات التي لا تفنى؛ حيث أن إعلام الطفل عملية مستمرة لا تنتهى بانتهاء مرحلة الطفولة أو بتجاوزها، لأن طفل اليوم هو أب لطفل الغد. وعليه أرى أن بناء مستقبل أي وطن غير مرهون بحل أي من الأحداث الجارية بقدر ما هو مرهون بمدى وعى وإدراك ما يتعرض له أطفالنا من خلال وسائل الإعلام، الحد الذى دفع البعض خلال الآونة الراهنة بترديد مقولة أننا نحيا فيما يسمى إعلامياً بالحرب الإعلامية، وأطلق أنا عليها مجازاً، الحرب الكلامية.

فأسلوب تربيتنا لطفل اليوم هو من ينشأ منه طاغية أو حليم أو حكيم أو عادل الغد، من خلال ما نغرسه فيه من قيم وما ننشئه عليه من عادات وتقاليد وما نكسبه من أعراف اجتماعية وغيرها من موروثات ثقافية تنتقل من جيل إلى الذى يليه عبر وسائط اتصالية سواء بشكل مباشر عن طريق مؤسسة الأسرة أو المدرسة، أو بشكل غير مباشر من خلال وسائل وقنوات إعلامية.

نكسبه من خلالها أدب الخلاف وتجنب الاختلاف، وندفعه لأن يسلك قنوات التعبير عن ما لديه من آراء، وندربه على ممارسة حرية تشكيل الرأي وابتكار الأفكار، لذا تتعدد مؤسسات التنشئة والهدف واحد، وهو تشكيل مواطن صالح لنفسه ولمجتمعه، يكتسب سلوكيات الدين الإسلامي ليصبح مسالم مع جاره رحيم بالفقراء والمحتاجين ويحترم رأى الآخر ولا يسمح لنفسه بالتعدي على حقوق الغير ولا يؤذى من أحسن إليه ومن لم يعاديه.

يبدو أن هذه الأفكار تذكرنا بحلم أفلاطون بالمدينة الفاضلة، إلا أنه يسهل تحويل هذا الحلم إلى حقيقة، مثلما أدرك السابقون من بعض سكان العالم بعدما أنتهى صراعهم بالحرب العالمية الثانية ضرورة الحياة في سلام وأمن فاجتمعوا ونظموا أنفسهم وشكلوا منظمة الأمم المتحدة ليتحدوا (يتفقوا) على مبادئ للتعايش السلمي خطوها بوثيقة أطلقوا عليها اتفاقية حقوق الإنسان، وأندرج منها اتفاقية أخرى حول حقوق الطفل بعدما أدركوا أن أي إنسان يولد طفلاً، والطفل في اللغة العربية يعرف بأنه أي شيء صغير، ومنذ ذلك الحين وهذه المنظمات الدولية تسعى لنشر ما أجمعوا عليه والعمل به، فأنتجوا ما اصطلح على تسميته بمجتمعات متحضرة، تحترم كرامة الإنسان وتحفظها بكافة السبل والوسائل، وهذا ما كان أحد عوامل نهضة هذه المجتمعات على كافة المستويات اقتصادية كانت أم علمية وغيرها، وتمتعوا برفاهة العيش ورغد الحياة.

وبتنا نحن بالوطن العربي حتى اليوم مازلنا ننمو- بل نحبو- سعياً منا لبلوغ تلك الأحلام، لأننا ضللنا الطريق منذ البداية وغلفنا أنفسنا بلباس التميز الذى أوقعنا في براثن الانغلاق الثقافي والحضاري وحكمنا على أنفسنا بما أطلقوه علينا بسكان دول العالم الثالث أو النامي.

فما لم نستفيق من كبواتنا وتغيبنا عن هذه القيم وأساليب الحياة الإنسانية سنظل نتمتع بالحاكم الظالم وفراعين القرن الحادي والعشرين، لأننا نحن من اخترنا هذا الطريق - والحياة اختيارات من بدائل- وأعلمنا الله بكتابه الحكيم بمنهج الحياة إلا...

إعلام الطفل