عنوان غريب. آه كم من مرّةٍ صُدِمنا من عناوين برامج وكتب وقصص الأب بولس مارديني المشوِّقة، وكم من مرّةٍ ذهبت بنا الأفكار إلى هنا وهناك، وفجأةً يَتَّضِح لنا المغزى الروحيّ والمعنى العميق لكلِّ مواضيعه .أراد الأب بولس أن يَقودنا من خلال ابتهالاتِ وتأمّلاتِ هذا الكتاب الشيِّقة والمفْعمة بإلهامات الروح القدس، الذي يهبُّ كالريح من كلِّ صوب، لكي نَعِيَ أنّ كلّ من يسْتسلِم لِمشيئة الله القدّوسة في حياته، ويعيش يسوع، يَسْكَرُ لا شَكَّ، من خمْرةِ الروحِ القدس الذي يحمل أنغام صوتِ الربّ، وكالهواء النقيّ بالنسبة لخلايا الجسم، يَغْمر الإنسان حياةً و نوراً وأماناً، فيُصبح حائراً مذهولاً كالتلاميذ الذين حلَّ عليهم الروح القدس يومَ العنصرة، حتى إنّ اليهود والساكنين في أورشليم ظنّوا أنَّهم سُكارى .فَلْنَسْكرَنَّ إذن من خمرة الروح القدس، طالبين من كنز الصالحات وينبوع القداسة الذي لا ينضُب، والذي يُنير كلَّ إنسانٍ آتٍ إلى العالم، أن يُضيءَ قلوبنا بنورِ حضوره، ويَملأنا روحاً قدّوساً ونِعَماً سماويّةً، ويكونَ لنا مُعزّياً وهادياً، وأن يتّحِدَ بِالذينَ يتوقونَ إليه، فيُقرِّبَ يسوعَ من كلِّ أذنٍ منْفَتِحةٍ للسماع، ومن كلِّ قلبٍ مُنْفتِحٍ للإدراك، فَتَظْهرَ صورةُ المسيح في قلوبنا وأقوالنا وأعمالنا لِبُنْيانِ بعضِنا بعضاً، وإكمال جسدِ المسيح السريّ، ملبِّساً إيّانا قوّةً من العلاء، وجاعِلاً إيّانا نوراً للعالم وشهوداً للمسيح بِإيماننا ومحبَّتِنا الصادِقة