يجمعُ هذا الكرّاسُ بينَ دفتَيهِ مختاراتٍ مِن أقوالِ بعضِ الآباءِ القدّيسينَ في الوَحدةِ بينَ المسيحيين. لقد تُرجمَت عنِ اليونانيَّةِ أو اللاتينيَّةِ مِن الدليلِ الآبائي (Euchiridion Patristicum) ونُشِرَت تِباعًا في مجلة «الوَحدة في الإيمان» التي أسَّسها الأبُ لطفي لحام في ديرِ المخلص عام ١٩٦٢. تعالجُ هذه المجلة، وهي الأولى باللغة العربية، القضايا المسكونيَّةِ والشرقيَّة. توقفت عنِ الظهورِ بسببِ الحربِ اللبنانيَّةِ الكبرى (١٩٧٥-١٩٨٩).ليسَت هذهِ المختاراتِ دراسةً علميَّة، إنَّما القصدُ مِنها إظهارُ اهتمامَ لا بل هَوَسَ الآباءِ بالوَحدةِ المسيحيَّة. لقد طالما اعتبرَ هؤلاءُ الشقاقَ والهرطقةَ، البغضَ والتنافرَ، والانفصالَ بينَ المسيحيين الشرَّ الأكبرَ في حياةِ الكنيسة.اعتمدنا في اختيارِها أن ننتقيَ الكلماتِ والعباراتِ والجُملَ التي تشيرُ إلى الوَحدة. لذا، يأتي النصُّ مرارًا كثيرةً مجموعةً مِن آياتٍ مبعثرةٍ في مقالةٍ واحدة. لهذا السبب أيضًا، أشرنا إلى المرجعِ بنوعٍ عامٍّ بدونَ تحديدِ الفقرةِ أو الفصلِ بالتدقيق. كذلكَ أغفلنا إثباتَ المراجعِ الكتابيَّةِ لأنَّها كثيرةٌ وهيَ كالنسيجِ الواحدِ مع فكرِ الآباء.يمكنُ أن يكونَ هذا الكرّاسُ دليلاً روحيًّا للمؤمنينَ عمومًا ويشجِّعُهم في سبيلِ الوَحدة. كما يمكنُ أن يكونَ عونًا لطلابِ الكهنوتِ والرهبانِ والراهباتِ وحتّى للأساتذةِ في تقديمِ دروسِهم حولَ الحركةِ المسكونيَّة.لقد زيَّنا هذا الكرّاسَ بصورٍ تشيرُ إلى بعضِ المراحلِ الهامَّةِ والمعبِّرةِ في اللقاءاتِ المسكونيَّةِ بينَ كبارِ رجالاتِ الكنيسةِ على اختلافِ طوائفهم (انتمائهم الكنسي)نأملُ أن يبعثَ هذا الكرّاس الأملَ في قلوبِ القرّاء. ويساعدَ المسيحيينَ كلَّهم، رعاةً ورعيَّة، إكليروسًا وشعبًا، على السعي بتصميمٍ أكبرَ وعزمٍ أشدَّ لأجلِ تحقيقِ صلاةِ يسوعَ التي صلاّها في آخرِ ساعاتِ حياتهِ الجسديَّةِ على هذهِ الأرضِ في العشاءِ السريِّ والأخيرِ حيثُ رفعَ عينيهِ وصلّى إلى الآب قائلاً: «يا أبتاه، أن يكونوا واحدًا! لكي يؤمنَ العالم».