إن أهمية دراسة الشخصيات في التاريخ لا تقودنا إلى فهم دور الفرد في حركة التاريخ فحسب، بل إن بعض الشخصيات ارتبطت أسماؤها بمرحلة تاريخية برمتها؛ حتى بات العهد كله أو المرحلة بأسرها مقترنة بها؛ فالعهد الملكي في العراق مثلًا ارتبط بـ"نوري سعيد" حتى باتت الكتابات التاريخية لا تذكر فترة "نوري سعيد" إلا وتقرنه بالعهد الملكي؛ فتقول عهد "نوري سعيد"، وتتجاوز بشكل مقصود، أو غير مقصود أسماء الملوك الذين حكموا العراق، كما أن التاريخ الأوربي أيضًا اقترن بأسماء سياسيين تركوا بصماتهم الواضحة عليه؛ فلا تكاد المصادر التاريخية تتكلم عن أوربا في قرون معينة إلا وتقرن معها أسماء مثل: "نابليون"، و"مترنيخ"، و"هتلر"، و"موسليني"، وغيرهم من الذين أسهموا بدور مهم في التاريخ الأوربي، وانعكست نتائج سياستهم على العالم برمته؛ ولذا فقد اختيرت شخصية مصرية شهيرة في هذا الكتاب أسهمت بدورها الواضح في التاريخ المصري عبر فترة زمنية امتدت من نهاية الحرب العالمية الأولى، وحتى قيام ثورة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952م، وكان لها تأثيرها الواضح على السياسة المصرية؛ فلا نكاد نتكلم عن هذه الفترة إلا ونقرن اسمها بها؛ حتى بات من الصعوبة بمكان أن يتم تجاوز اسمها أو تهميشه في أحداثها؛ لأنه لم يكن مراقبًا للتطورات السياسية التي وقعت فيها فقط، بل كان صانعًا مهمًّا لقسم غير قليل منها؛ هذه الشخصية هي مصطفى النحاس، وقد تحدث عنها مؤلف الكتاب وعن دورها السياسي بالتفصيل من خلال ثلاثة فصول؛ جاءت عناوينها على النحو التالي: الدور السياسي لمصطفى النحاس توقيع معاهد 1936، وموقف مصطفى النحاس من التطورات الداخلية في مصر بعد توقيع معاهدة 1936 حتى حادثة 4 شباط 1942، وأخيرا موقف مصطفى النحاس من القضايا الخارجية.