"القادم إلى دول مجلس التعاون الخليجي تستحوذ على نظره -منذ الوهلة الأولى- صورتان؛ الأولى: النهضة العمرانية المبهرة، والثانية: الكثرة من الأجانب؛ وتحديدا الآسيويين؛ من: هنود، وباكستانيين، وفلبينيين، وغيرهم؛ حتى تكاد

تخال نفسك في واحدة من تلك البلدان مع فارق النهضة الماثلة للعيان، والصورتان في تقدير الكثير متلازمتان؛ فهذه النهضة تجسيد لطموح كبير في عقول قيادات هذه الدول؛ ساعدتها الطفرة النفطية على تحقيقه، أما هذه الكثرة اللافتة للنظر من الآسيويين في البلاد فتعود إلى اعتماد مجموعة الدول هذه على استقدام اليد العاملة التي تحتاجها في عملية البناء؛ ومن هنا يمكن التأكيد على أن قضية العمالة الوافدة في دول مجلس التعاون الخليجي تُعَدُّ واحدة من أهم المشاكل والتحديات التي تواجه دول المجلس؛ نظرًا لارتباطها بقضية التركيبة السكانية، وقضية البطالة، وإعادة هيكلة اقتصادياتها، ولا شك أن لقضية العمالة الوافدة أبعادها السياسية والاجتماعية والثقافية على دول المنطقة؛ والتي وجدت نفسها كما يرى كثير من المراقبين في مواجهة مشكلة كبرت ككرة الثلج، ناهيك عن أنها تنتمي إلى حِقبة ما قبل العولمة؛ الأمر الذي يزيد في صعوبات العلاج فيما يُعرَف الآن بعصر العولمة؛ من هنا جاء هذا الكتاب لمعالجة موضوع العمالة الأجنبية في الخليج العربي؛ وذلك من خلال ثمانية فصول؛ جاءت عناوينها على النحو التالي: العمالة الأجنبية؛ صورة من قريب، وتحويلات العمالة الأجنبية بدول الخليج، وتحويلات العمالة الأجنبية والاقتصاد الإماراتي؛ دراسة حالة، وتجارة الإقامات أم تجارة العمالة الأجنبية؟؛ الكويت نموذجا، والأزمة المالية العالمية وأسواق العمالة بالخليج، وإشكاليات ناجمة عن تواجد العمالة الأجنبية؛ دراسة حالة، وماذا فعلت الحكومات الخليجية؟، وأخيرا رؤية مستقبلية لعمالة الخليج."