يُعَدُّ النمو في وسائل الإعلام أحد المؤشرات الدالة على درجة الحراك المميزة للحالة الثقافية داخل أية أمة من الأمم؛ فوسائل الإعلام تشكل وعاء من الأوعية المهمة التي تنشر الثقافة -بمفهومها العام- داخل المجتمع؛ من خلال ما تتداوله من مضامين سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وما تسوقه من أساليب معينة للحياة، كما تلعب وسائل الإعلام دورا حيويًّا في توفير نافذة لنشر الإبداع الثقافي -بالمفهوم الخاص للثقافة- من خلال المجلات، والقنوات المتخصصة في معالجة قضايا الفكر والفن والأدب، يضاف إلى ذلك الدور الذي تلعبه الرسالة الإعلامية كمرآة عاكسة لمنظومة القيم الثقافية والإنسانية التي تسود مجتمعا من المجتمعات خلال فترة زمنية معينة؛ وفي هذا الإطار تتحدد أهمية هذا الكتاب الذي يعنى برصد، وتحليل معدلات النمو الكمي والكيفي في خريطة الإعلام العربي؛ سواء فيما يتصل بالصحافة المطبوعة، أو القنوات التليفزيونية، أو على مستوى وسائل الإعلام الجديد (الإعلام الإلكتروني على شبكة الإنترنت)؛ إذ يتتبع أبرز المظاهر المعبرة عن حالة النمو في وسائل الإعلام العربي؛ وهو يهدف من وراء ذلك إلى رصد وتحليل معدلات النمو الكمي في النوافذ الإعلامية العربية (المطبوعة والمرئية والإلكترونية)، ووصف وتحليل أبرز الظواهر الكيفية (النوعية) التي ميزت عمليات النمو والتحول في النوافذ الإعلامية العربية، ومقارنة مستويات النمو الكمي والكيفي في وسائل الإعلام بين الدول العربية المختلفة، ومقارنة مستويات وسمات النمو في وسائل الإعلام العربي بالمعدلات العالمية، والمعدلات السائدة في بعض دول العالم المتقدم، وكذلك الدول التي تتشابه أوضاعها مع الأوضاع السائدة داخل الأمة العربية.