تعد المفارقة واحدة من الإمكانات الأسلوبية، التي تقدمها منطوقات مختلفة في النص القرآني؛ وتعرض المفارقة طريقة من طرائق استخدام اللغة في السياق النصي، والسياق الخارج عن النص، وتنعقد بنية الدلالة في خطاب المفارقة على علاقة التضاد بين الدلالة الحرفية الأولية للمنطوق لفظًا، أو مجموعة لفظية، أو عبارة، أو جملة، أو ما فوق الجملة، وبين دلالته المحولة التي يرشحها السياق بنوعيه السابقين؛ وهي هذه الدلالة التي يمكن أن نطلق عليها هنا اسم "الدلالة المفارقية"؛ وللمفارقة وظائف خطابية تدعو المخاطب أو القارئ أن يربط نفسه بها أشد ما يكون الربط؛ لإدراكها وتفسيرها تفسيرًا مقبولًا أو سليمًا؛ ولذلك كان بحثها – من ناحية أخرى – مما يقود إلى فهم أفضل لتركيب النص وطبيعته الخاصة؛ لأنها تفتح الباب على مصراعيه لملاحظة العلاقات النصية المتنوعة التي تكون أساسًا للنص؛ وفي هذا الكتاب دراسة للمفارقة القرآنية من خلال بنية الدلالة؛ وذلك من خلال بابين؛ عنوان أولهما: مدخل إلى نظرية المفارقة، وعنوان ثانيهما: المفارقة في النص القرآني، وحوى كل منهما عددا مختلفا من الفصول.