"لا شك أن تنامي العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية -فضلًا عن تعاظم الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة على الساحة العالمية، والنظر إلى تحضرها وتطور أجهزتها القضائية- يلقي بظلاله على المجال القانوني والقضائي؛ سواء على صعيد علاقات الأفراد، وما يمكن أن يثار من منازعات قانونية بين أطراف من الدولتين، وما يلزمها من معرفة كل طرف للنظام القانوني والقضائي الذي يمكن أن يحتكم إليه الطرف الآخر، أو على صعيد العلاقات الثنائية بين الدولتين، والتعاون المتبادل بينهما في مجال التجارة والاستثمار، وصياغة الاتفاقيات التجارية والاقتصادية، ثم الاتجاه مؤخرًا إلى الاقتباس من النظام القانوني الأمريكي؛ ومن هنا أضحت دراسة النظام القانوني والقضائي الأمريكي ضرورة واقعية ملحة؛ تضاف إلى ضرورة أخرى لا تقل أهمية عنها، ونعني بها دراسة علم القانون المقارن، والإفادة من هذا العلم من الناحيتين العلمية والعملية على حد سواء، معضرورة الصلة بالنظم الشرعية، وتحقيق ضابط الارتباط بينهما في سبيل تحقيق العدالة؛ من هذا المنطلق جاء الكتاب الذي بين أيدينا مسلطا للضوء على علم القضاء المقارن وتطبيقاته؛ وذلك من خلال ثلاثة فصول؛ جاءت عناوينها على النحو التالي: التنظيم القضائي في الولايات المتحدة، وإجراءات التقاضي المدنية، وأخيرا المحاكمة العادلة في النظام الجنائي الإسلامي والمواثيق الدولية."