
Sign up to save your library
With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.
Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Search for a digital library with this title
Title found at these libraries:
Library Name | Distance |
---|---|
Loading... |
يأخذنا العادل خضر في رحلة أدبيّة إلى متحف الأدب القديم بمسالكه ومساراته الوعرة أحيانا، ومتاهته وتعرّجاته المدوّخة أحيانا أخرى، ولكنّها في الحالات جميعا لا تخلو من متعة وتشويق. أمّا المتعة فتلتمس، أوّل ما تلتمس، في الحكايات التي ينتقيها للدرس والفحص وفي الشواهد التي يختارها بعناية ليحلّي بها حواشي المقالات ويبثّها في المتون كالقلائد. وأكثرها عند التأمّل من جوامع الكلم والأفكار التي تثير التعجّب، إثارة تدفعنا إلى أنّ نردّد مثل شمس الدين التبريزيّ "ما هذا؟". وأنت تجد المتعة، أيضا وبالخصوص، في أسلوب النّظر إلى النّصوص الّتي يشقّقها، والمفاهيم الّتي بها يتوسّل إليها، ليفتّق أكمام الأقاويل الأدبيّة وغير الأدبيّة، مظهرا ما خفي فيها منيرا ما بدا معتما منها. وأمّا التّشويق فتجده، أكثر ما تجده، في تلك الأقوال الصادمة الّتي يفاجئك بها منثورة هنا وهناك كأسئلة الألغاز تبحث لها عن جوابات. فيقرّر العادل خضر مرّة "أنّ العلاقة بين الإبداع والمؤلّف (...) افتراسيّة أحيانا التهاميّة أحيانا أخرى"، ويعنّ له مرّة أخرى أن يؤكّد أنّ "أصل الأدب العربيّ قد كان بعمل القتل"، ويسترسل مرّة ثالثة في جلبك إلى فضاء الدهشة والحيرة زاعما أنّ "الكتابة (...) ضرب من الانتحار المؤجّل وتقنية من تقنيات الموت"، أو هي "الرّغبة في اليتم والتّدمير القاتل للأب". ولهذا في الكتاب أشباه ونظائر كثيرة غزيرة. وما الّذي عندك غير أن تسأل "ما هذا؟"، منكرا أو متعجبا أو مستفهما مجرّد استفهام عسى التّحليل يشفي غليلك، وأنت تنتظر جوابا يزيل عنك الحيرة ويرفع الحجب؟ فإذا هو يمعن في لعبته المشوّقة المرهقة، مرسلا شرارات من المفاهيم النقديّة الصارمة ونيرانا كثيفة من تحليل الدّلالات وبسط القضايا، وتنويرات من الأقوال والآراء والنظريّات تتفاعل في نصّه كما ترابطت في عقله وإن بدت لك أوّل الأمر متباعدة متدافعة.