عندما قرن الله عز وجل تنوع البشر الذين خلقهم بتعارفهم، في علاقة جدلية سببية دائمة، فمن الواضح أن التعارف الذي هو تفاعل معرفي، أو تثاقف، يتجاوز ابتداع بشر أو رغبته. بكلمة أخرى، هذا التعارف، أو التثاقف، هو جزء من جوهر الخلق. وبالتالي لم يبتدع الأمريكي ميلفن سكوفيتس مصطلح التثاقف، أي التزاوج الثقافي بين المجتمعات والأمم، كما تباهى معظم المهتمين الغربيين الذين اعتادوا اعتبار الغرب مركزا للكون، يبدأ منه وبه كل إبداع وتطور.مع ذلك، فما هو أهم من الجدل بشأن أصل ابتكار المصطلح هو ما وراء الغواية الغربية الشديدة لهذا المصطلح المبشر بحالة تفاعل ثقافي حر ونشط على امتداد المجتمعات البشرية والمجموعات الحضارية. فما إن اشتدت جائحة الأمركة التي اتخذت العولمة ستارا لمشروع إمبراطوري طاغوتي للهيمنة الشاملة على العالم حتى اشتم كثيرون رائحة الخداع والتضليل في الاستخدام الأمريكي لمصطلح التثاقف قناع غواية يغطي حقائق الواقع العالمي الراهن، أكثر مما يعبر عن تفاعل قائم أو طموح قابل للتطبيق.أدى وضع هذا المصطلح على محك التجربة العملية إلى سقوط ما أوحى به من تعبير افتراضي عن تفاعل إيجابي متوازن نسبيا، يتم تحت شروط إنسانية حرة عادلة بناءة، ينتفي فيها القسر والقمع والإقصاء والإلغاء والاستئصال والاستعباد والإلحاق القسري والاستغلال.