نجع الموتى

ebook

By حسين السيد

cover image of نجع الموتى

Sign up to save your library

With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.

   Not today

Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Download Libby on the App Store Download Libby on Google Play

Search for a digital library with this title

Title found at these libraries:

Library Name Distance
Loading...

انفجرت الصرخة المذعورة بغتةً في الظلام. كانت مألوفة، وحين هبَّ (علوان) من فراشة متوترًا؛ أدرك منذ البداية إلى من تنتمي. هرع على الفور، وهو يتمنى لو كان مخطئًا. لكن الباب الخارجي للبيت الذي وجده مفتوحًا، ومواربًا؛ لم يدع في صدره مجالًا للشك، فخفق قلبه في عنف.. إنها صرخة طفله الصغير. إنه (سعدون), هذا الشقي الذي لا يكف لحظةً عن إثارة المتاعب بأفعاله الخرقاء. شعر بالكارثة المقبلة، وهو يفكر في طفله ذي الأعوام الستة، والذي اختار أسوأ وقتٍ ممكن؛ ليغادر البيت. أي شيطانٍ هذا الذي زين له مغادرة البيت في وقتٍ مثل هذا؟! وإلى أين يعتقد أنه سوف يذهب في تلك العتمة؟! يا للغباء!!أقسم أن يكون العقاب عسيرًا؛ حين تقع يده عليه. لو عاد سالمًا فسوف يلتهم حنجرته؛ كي لا يفعلها ثانيةً. لكن المهم الآن هو أن يعثر عليه أولاً.تأمل في ذعرٍ الضباب الرماديّ الكثيف القابع خلف الباب الموارب دون أن يتسرب إلى داخل البيت، وهو يفكر في خطواته التالية. في الواقع؛ كان الأمر محسومًا. سوف يخرج للبحث عن ابنه الذي ابتلعه الضباب. تذكر في تلك اللحظة التحذيرات التي يرددها الجميع منذ هبط الضباب بغتةً على النجع قبل أسبوع. وطفا في خياله ما رآه بعينيه من أهوالٍ تحدث في قلب هذا الضباب الملعون في الليالي الكئيبة الماضية.تذكر كل من أهلكهم الضباب طوال أسبوعٍ كامل في النجع دون أن يفهم أحد؛ ما الذي حدث لهم؟. والآن جاء دوره ليعلم بنفسه؛ ما واجهه هؤلاء البائسون في قلب الضباب قبل أن يموتوا.. ابتلع ريقه في صعوبةٍ، وهو يتمنى أن يعاود الطفل الصراخ ثانيةً؛ ليتأكد أنه ما زال حيًّا. أرهف السمع للحظةٍ، وهو يغالب خوفه، وتردده, ثم فتح باب البيت بحزمٍ، واقتحم الضباب, قبل أن يتوقف بعد أمتار، وهو لا يدري أن يبدأ بحثه. السكون كان مقبضًا، والهواء باردًا ثقيلًا، والظلمة حالكة من حوله. حاول أن يخترق بعينيه الضباب، لكنه لم ير أي شيء. لم يكن هناك أي شيء حوله غير البخار والظلام، والخيالات المرعبة في عقله، والتي لم تنجح الأضواء التي تطلقها المنازل الناعسة في تبديدها. رفع صوته مناديًا: ""سعدون."". فخرج الصوتٍ مخنوقاً مرتعشاً, قبل أن يقطعه بغتةً، وكأنما يخشى أن ينتبه له أحد ما..

نجع الموتى