شاءت إرادة الله تبارك و تعالى أن يبسط رحمته على الناس، ويمد إحسانه إلى بني الإنسان، فبعث فيهم نبياً منهم، ورسولاً من أنفسهم، ليكون لهم نبراساً يضئ لهم طرق الحياة، ومصباحاً ينبر أمامهم مسالك الدنيا، ومعلماً يخرجهم من ظلمات الباطل إلى نور الحق والإيمان، ويرسم لهم دروب الخير التي توصلهم إلى الغاية المنشودة، والأمل المرموق، فاختار محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، انتقاه واصطفاه، ليكون نموذجاً للكمال، وعنواناً للفضل، وحاملا لمشعل النور والضياء، وقائد لركب الحضارة الإنسانية على مدى الأزمان وكرِّ الدهور فعصمه من الزلل، وحفظه من الخطأ، وصانه من كل شائبة، لتكون صفحاته آيات بينات، ودلائل واضحات على السمو والإجلال، والطهر والكمال، فالله أعلم حيث يجعل رسالته، رباه الله فأحسن تربيته، وأدبه فأجمل تأديبه، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: "أدبني ربى فأحسن تأديبي" فكان صاحب رسالة، وبشير دين، ونبي هداية، ورسول أمة يندرج فيها الشرق والغرب، وتمتد عبر الأزمان حتى يرث الله الأرض ومن عليها. فما أعظمها من رسالة! وما أثقلها من مهمة! وما أضخمها من مسئولية.