توظيف التراث في الرواية التونسية : " أسرار صاحب الستر" لإبراهيم درغوثي أنموذجا

ebook

By أمين عثمان

cover image of توظيف التراث في الرواية التونسية : " أسرار صاحب الستر" لإبراهيم درغوثي أنموذجا

Sign up to save your library

With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.

   Not today

Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Download Libby on the App Store Download Libby on Google Play

Search for a digital library with this title

Title found at these libraries:

Library Name Distance
Loading...

الرواية العربيّة، ومنذ نشأتها، كانت صورا وأشكالا أدبيّة وفنيّة لذلك الحوار الضروري العميق، مع التراث والحاضر والمستقبل، ومع الذات والآخر، وهي نفاذ، أو محاولة نفاذ من خلال التجارب الفرديّة، وسبر أغوارها، إلى صميم التجارب الجمعيّة وجوهرها. كما أنّ العودة إلى "المنابت "الحكائيّة الأولى، وخاصّة، إلى الرصيد الحكائي العربي القديم لتوظيفه، ساعدت على تأسيس العديد من المصطلحات الروائيّة، وعلى استيعابها وتدقيقها، بل وعلى انتشارها ضمن المحاولات النقديّة. فكان لروائيي الستينات فضل التأسيس الصحيح الواعي، وفضل البحث، أو محاولة البحث عن الأشكالالروائيّة الجديدة، وفضل المغامرة الطموحة والجديّة . ولعلّ من أهمّ انجازاتهم، هو كسر النظام الخطي للزمن والتغيير الذي مسّ طرق رسم الشخصيّة واختلاف زوايا الرؤيا والتبئير. فالرواية ذات تركيب سردي متفرّد من جهتي التركيب والبناء، وهي أيضا جريئة متمرّدة، ومغامرة تتقصّى التجريب وتقنيات جديدة (لغة مفكّكة، وسرد مهشّم مخلخل، وفضاء معتّم، وشخصيات قلقة، وأمكنة منذورة للمحو). ولعلّ في مراهنة الرواية العربيّة الحديثة على التراث، وفي عزمها على العودة إليه وإلى المنابع الأصيلة فيه يمحّضها إلى الدخول في صميم الرواية التجريبية، بما هي إنشاء على غير مثال، و بناء على غير مقياس،وإبداع متفرّد، وابتكار بكر. وهكذا يمكن للرواية أن تحقّق لنفسها التكوثر المعرفي قطعا متى تعانقت وتعالقت مع عوالم الإبداع الناجمة عن التفاعل الإيجابي والحيّ مع التراث بمختلف مستوياته وتعدّد طبقاته، وهو تفاعل تمخّض عن مادّة ثرّة وثريّة مشحونة بالعبر، ومليئة بالدلالات، وخادمة قطعا للراهن المأزوم. ولعلّ كلّ تغيّر يطرأ على الفكر الإنساني في العصرالحديث - وما أكثر تلك التغيّرات- كان يفتح آفاقا لقراءة العلاقة مع التراث من جهة، وإنارة جوانب متعدّدة منه من جهة أخرى. ولقد تأثّر هذا التفاعل بالقراءة الساعيّة إلى الهرب إليه طورا، واستعادته لإسقاطه على الحاضر تارة أخرى، والبحث فيه عن محايث لما يحدث في الواقع أحيانا. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا التفاعل مع التراث عرف أولى بداياته في ما قدّمه "فرنسيس المراش" في "غابة الحقّ" و" درّ الصدف في غرائب الصدف"، إذ يظهر تأثّره من خلال الحرص على تقليد القدماء في أسلوب الحكاية وفخامة اللغة التي كانت ميزة أسلوبيّة لكثير ممّن أنتج نثرا في هذا الطور.

توظيف التراث في الرواية التونسية : " أسرار صاحب الستر" لإبراهيم درغوثي أنموذجا