تعتبر ثورة الاتصالات والمعلومات من أهم ملامح العصر الحالي ، ومن أبرز سماتها تجاوزها لحدود الدول ، حتى يكاد يستحيل على أي دولة منع التدفق المعلوماتي القادم إليها من خارج حدودها ؛ عبر الأقمار الصناعية والقنوات الفضائية وشبكة الإنترنت وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة. ومن المؤكد أن لهذه الثورة المعلوماتية الاتصالية تداعياتها وتأثيراتها على السياسية الوطنية للدول اليوم وفي المستقبل ؛ فهبت رياحها على العالم العربي ، وأضعفت القبضة التسلطية للدولة القومية على المعلومات ، فلم تعد هناك معلومات تخفى، ولا اتصال يمنع. فاشرأبت بعنقها على المسرح العربي ظاهرة المدن الإعلامية العربية الحرة ، تدعمها معطيات ثورة الاتصالات السالفة الذكر ، وتقف أمامها عقابيل الماضي، فاختلف الناس حولها، بين مؤيد ومعارض ، وساخر من فكرتها في ظل النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي العربي.فالأمر اقتضي تقديم دراسة في حجم الدكتوراه ؛ لهذه الظاهرة الحديثة ، لمعرفة جدواها، من ناحية أهميتها، وأهدافها، وفائدتها الوطنية والعربية والعالمية، ودلالاتها، وانعكاساتها وتأثيراتها المحتملة على الوضع السياسي والصحافي العربي ، وتقبل الدول العربية لها، ومن ثم قدرتها على الاستمرار والثبات. ولذلك كانت هذه الدراسة التي خرجت بنتائج مهمة ، وقدمت توصيات مفيدة في جوانب الظاهرة المختلفة ؛ بقصد تفادي وتجاوز كل الصعاب والمعوقات التي تعترض طريقها.وبل ستصبح هذه الدراسة هادياً ونبراساً لكل الدول التي ترغب في إنشاء مدينة إعلامية ؛ وخاصة بعد النجاح التي تحقق في تجربة مدينة دبي الإعلام . ومن هنا جاء اهتمام المشرف البروفيسور على محمد شمو؛ ولجنة المناقشة المكونة من البروفيسور معتصم عبد الله والدكتور عبد النبي عبد الله الطيب ؛ في ضرورة إخراجها في شكل (كتاب) مبسط لغة وعدد صفحات، يسهل حمله والاطلاع عليه ؛ فاستجاب المؤلف ؛ فاختصر الفصول إلى مباحث بصورة غير مخلة ، فحذف بعض المباحث التي تتعلق بالدراسة النظرية ؛ رغم صلتها بالبحث ؛ مثل مبحث الحريات الإعلامية في العالم العربي ومفهوم الأمم المتحدة للحرية الإعلامية ، وكذلك مبحث هجرة الصحافة العربية وفرص عودتها للوطن العربي عبر المدن الإعلامية الحرة ، ثم ركز على المعلومات ذات الصلة المباشرة بالظاهرة ودراستها.