ألا فأدمعي يا عيون، وتحدري تحدراً على الجفون، اسكبي حتى تفرغ منه تلك القطرات السواخن، بللي دنياك وأغرقي في أعماقها، فليس يهدى لك حال إلا أن تفعلي ذلك، وليس لك إلا أن تخفِ أثره.فلو بان وفضح أمره، فلن تجدي نفعاً، بل قد تجلب سخرية، بلى، إن زماننا هذا زمن التلذذ بمصائب الناس التي تحلَّ على من تحلَّ عليه، وبما في أحوالهم من نكبات، فلتعجب إذن، ما وجدت للعجب عما ترآه في الخلق.وإذن فأخفِ دمعتك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، ولا تخرجها لأي كائن، فلن يغير من الأمر شيئاً، فإنك في زمن الردى، زمن السخرية على حساب المساكين، والتندر فيما هم فيه من حال البائسين، فلن يرق لها قلوباً كهذه، قاسية بل أشد قسوة من الحجارة، فإذن لا تميل للحزن والبكاء الطويل، فلن يجدي منهما نفعاً، إنما ضراً على نفسك، وسخرية الساخرين على ما ألم بك، ولن ترى قلوباً رقيقة رحيمة.