تُعد نظرية التوقعات العقلانية من أحدث النظريات الاقتصادية التي ظهرت على ساحة الفكر الاقتصادي في محاولة لتحليل النظرية الاقتصادية الكلية وفقاً لمنهج التوازن العام الديناميكي، مستندة على مبادئها التي تركز بالشكل الأساسي على رؤية مستقبلية للحاضر وهو ما أعطاها بعدا حيوياً ومميزاً تجلى في استخدامها لنماذج متطورة تسعى من خلالها إلى تفسير الظواهر الاقتصادية فضلاً عن تحقيق الاستقرار الاقتصادي. لقد نالت أفكار وطروحات هذه النظرية استقطاب واهتمام الفكر الغربي ومنذ زمن ليس بالقريب، إلا إن الشكوك حولها قائمة حتى بداية الستينات، وتحديداً عام 1961 على يد (Muth) الذي يعود له الفضل في تطويرها من مجرد فكرة إلى مفهوم يأخذ بنظر الاعتبار المؤثرات التي قد تطرأ في المستقبل. ولكن تطور تلك المفاهيم كان بحسب الأطر التي يعمل بها كل تيار من تيارات الفكر الاقتصادي، فالتحليل الكينزي اعتمد على مفهوم التوقعات الساكنة، وبالرغم من إن التوقعات لم يتم تجاهلها في هذا التحليل إلا انه اعتبرها شيء معطى. بينما تعامل منظرو النظرية النقدية مع التوقعات بالاستناد إلى التاريخ الماضي للمتغير الذي يحتاج التوقع بقيمته المستقبلية مفترضين إن المستقبل لا يختلف كثيراً عن الماضي مما يجعل من أمر انعكاس الماضي على القيم المستقبلية واضحاً.