
Sign up to save your library
With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.
Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Search for a digital library with this title
Title found at these libraries:
Library Name | Distance |
---|---|
Loading... |
يحمّلنا النصّ الأدبيّ مشاقّ فهمه وتأويله. ذاك أنّ القارئ لا يطمئنّ إلى ظاهر القول وسطح النصّ بل عليه النفاذ إلى أعماقه بغية إماطة اللثام عمّا خفي من المعاني، وتلك هي اللذّة الحقيقيّة للقراءة لذّة تكشف الدرر بفضل صبرها على تلك المشاقّ. ولذلك فعمل القراءة لا ينبغي أن يكون إجراء انسياقيّا ينقاد بمقتضاه القارئ لآراء المؤلّف نفسه أو لأحكام الناقد بل يجب أن تكون القراءة عملا مخبريّا يروم فهم النصّ وتأويله انطلاقا من الإنصات إلى النصّ في حدّ ذاته. ومن شأن مثل هذه القراءة أن تقدّم فهما عميقا قد يكون مخالفا بل مناقضا لما هو سائد من القراءات والأحكام المترسّبة في المباحث النقديّة قديمها وحديثها. ومن مخاطر هذا الترسّب تنميط النصوص وتدجينها وتحنيطها. إنّ المؤلّف قد يكون وراء مثل هذا التحجير إن بشكل كلّيّ أو جزئيّ عندما يرسم مسبقا أفق انتظار معيّن لنصّه يجعله بمنزلة ميثاق(عقد) قراءة يربطه بالقارئ، فينقاد الدارس العجول إلى رصد تجلّيّات الأفق المرسوم (المزعوم) وفق السياج الذي أحاط به المؤلّف نصّه. وبناء على ذلك يبقى هذا الدارس يدور في فلك ذلك الميثاق. لكنّ في النصّ من البنى الفنّيّة ما يمكن أن يخلق نسقا تأويليّا مغايرا لما رسمه المؤلّف متى نظرنا في تلك البنى نظرة الحصيف. كما قد تتكفّل جملة من الأقنعة الفنّيّة التي يتوسّلها المبدع فتحجب المعنى المسكوت عنه.