العنوان الذي اختاره الفنان ""أحمد عبد النعيم"" لهذا الكتاب وهو (كاريكاتير الغلابة) عنوان يحمل صفة العمومية، فليس هناك كاريكاتير له تأثير إلا إذا كان كاريكاتيرًا للغلابة وعن الغلابة.فهذا الفن لو صح أن له صاحبًا وموحىً بالأفكار ويصب في مصلحته في النهاية لا يمكن أن يكون سوى هؤلاء الغلابة موضوع الكاريكاتير، والذي نتمنى جميعًا من رسامي الكاريكاتير أن يتلقوه أيضًا وإن كان الغلب والفقر قد لا يمكنهما من رؤيته عبر وسائل الاطلاع والمشاهدة في الصحافة والكمبيوتر.الكتاب رؤية صادقة للغلابة معبرًا عنهم بعمق شديد يدور في فلكهم ودنياهم مستعرضًا أهم ما يعانون منه، وهو كل شيء في هذه الدنيا التي قد يرون حلوها في أحلامهم فقط أو لا يتوفر لهم حلوها إلا في جنة ينتظرونها في آخرتهم، وإن كنت أظن أنه لن يتحقق لهم ذلك أيضًا لأن الجوع كافر كما يقولون. والغلابة في مجتمعنا كانوا شريحة دنيا.. لكن الواقع الآن قد حولنا كلنا إلى غلابة فنحن غلابة في التعامل مع البيروقراطية المصرية.غلابة عندما يفترسنا غول الغلاء. غلابة في بيوتنا عندما لا نستطيع أن نكفي طلباتها الأساسية أو نكفيها بشق الأنفس وبالتنازل عن كرامتنا في كثير من الأحيان فلا كرامة حقيقية لفقير فالفقر والجوع والمرض والحاجة تأكل كرامته الإنسانية شيئًا فشيئًا.أحمد عبد النعيم عندما يعبر وبصدق عن هؤلاء الغلابة فلا يعني هذا أنه يريدنا أن نضحك عليهم أو منهم أو نمصمص شفاهنا وتخلص المسألة. بل هو يدعونا وبقوة للتفكير والعمل على إزاحة هذا الفقر من طريقنا ومستقبلنا.فالكاريكاتير عندما يحاول أن يضحكك فقط يمكن أن يزغزك لكنه لن يحرك عقلك وقلبك وفكرك. وهذا ما لا نريده كلنا من الكاريكاتير أن يكون تنفيسًا لغضبنا فجميعنا نريده فناً ساخرًا يدفعك للتفكير والفعل. هذا ما نتمناه.