
Sign up to save your library
With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.
Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Search for a digital library with this title
Title found at these libraries:
Loading... |
يجمع طلال مرتضى في هذا الكتاب سبعاً وثلاثين قراءة كان نشرها في دوريات ثقافية عربية مختلفة، ولعلّ أبرز ما يميز هذه القراءات ليس وعي منتجها بأنّه لا ينجز نقداً أدبياً بالمعنى الدقيق لهذا الحقل من المغامرات الفكرية فحسب، ولذلك اختار لها لفظ "قراءات"، بل، أيضاً، وعيه بأنّه يكتب للنشر في صحافة محكومة باعتبارات إعلامية ودعائية أكثر منها نقدية على النحو الذي يحيل مصطلح "النقد" عليه من أدوات وإجراءات تكاد تجعل منه وقفاً على سويّة محدّدة من القرّاء. في هذه القراءات يكشف طلال مرتضى عن مخزون معرفيّ واضح بالمكتبة الأدبية العربية، بل بجديدها دائماً، وعلى نحو لا يعني جغرافية أدبية بعينها، بل الجغرافية الأدبية العربية عامة من أقصى هذه الجغرافية إلى أقصاها، ومن دون السقوط في شرك الإقليمية أو القطرية الضيقة، الذي غالباً ما سقط الأداء النقدي العربيّ بين شباكه، وغالباً أيضاً ما عبّر عن أوهام بعض المعنيين بهذا الأداء، الذين دأب الكثير منهم على الاحتفال والاحتفاء بما ينجزه مبدعو الجغرافية التي ينتمون إليها وحدهم، وعلى إدارة الظهر لمنجز الآخرين في أجزاء أخرى من الجغرافية العربية مهما يكن من أمر تفوّقها وتقدّمها على ذلك المنجز، وعلى غير مستوى. وفي هذه القراءات نفسها أيضاً يقدّم مرتضى غير إشارة دالّة على حصافته في قراءة هذا العمل الأدبي أو ذاك، وبكثير من اللباقة التي تكتفي من العمل بالأبيض منه، والتي تتجنّب التلميح، مجرّد التلميح، إلى ما يتضمّنه من عكر أو كدر رؤية ورؤيا، ومرجعاً وصياغة، وإذا كان ثمّة ما يشفع لهذه القراءات بوصفها كذلك، أي أنها تعريفات أكثر منها تفكيكاً ومن ثم إعادة تركيب لكلّ من مصادرها، فإنّ ثمّة، بآن، ما يشفع لمنتجها أن تكون كذلك، أي بوصفه محرراً ثقافياً، ووعيه بذلك، وعدم ادعائه سواه، بل عدم تفاصحه وتعالمه شأن غير قليل من العاملين في الإعلام الثقافيّ، الذين يحلو لهم، أحياناً، وربّما دائماً، إيهام القارئ بوصفهم نقّاداً لا بوصفهم إعلاميين اختاروا لأنفسهم، أو اختار سواهم لهم، ذلك.