أحيانا يحس الشاعر بالنشوة مما يراه ويلمسه من الأشياء الجميلة في الطبيعة، فيستحسنها بردا وسلاما على ما تكوي به ضلوعه، ومن وجهة أخرى سفينة عشق يركبها ليبحر في المساحات النظيفة البعيدة عن زمن الردهات والتلوث.. (( أرى السماء مروج الرياحين )) وهذا التأمل العميق في الكون والأشياء المعكوسة تماما عما تحبل به النفس وترتضي، والذي يسير عكس تيار قوي وجاحف، هو ما يبعث في الذات المبدعة القلق، ويجعلها تعيش إحباطا صرفا تجاه أشياء مرفوضة مقلقة متعبة (( تعصف بي نوبات القلق )) .. فالشاعر لا يقف على حال واحد، فهو تارة يسير في درب العاشق الولهان، الذي يحترق شوقا إلى الحبيبة في غيابها ولا يهدأ له بال كلما ابتعدت عنه، فتبوح ذاته الشاعرة بالتحام صوفي مع المحبوبة يستحيل معه الفراق، وبعشقه الجامح الذي سكن الفؤاد بلا هوادة، فترك بصمته الغائرة في الوجدان، إلى درجة التيه والحيرة .. (( وقد تنشّب حبها في قلبي تنشيبا ))..