حبيبتي ميرة، ابتسامتك الساحرة ما تزال مرتسمة على شفاهك اللمياء، شعرك الأسود المنسدل كليل بهيم، يا حبيبة أمك، كيف لي أن أسرحه دون أن أؤلمك، وقد طال كالمدى، وهذه العشبة تسكن خصلك المبعثرة، من أين جاءت؟ وكثيب الرمل الغارق بين شعراتك؟ آه يا صغيرة، أواه يا أمي، كبرت لترحلي، قرارات رحيلك المفاجئة تباغتني كل حين، كم مره فعلت فعلتك هذه بي؟ وكم استجديت عودتك دون مجيب؟ أي مآل هذا وأي قدر يحملك إلي عائدةً دون تفسير؟ يلقيك بين يدي دون صوت، دون حراك. كم كنت أحسد نفسي أني وُهِبتُ فتاة متفردة في كل شيء، حيويتك وصوتك الجميل، ذوقك وطبعك الراقي، حنانك والتزامك، عنادك وخوفك علينا... من سيسأل عني يا أمي بعد الآن؟ من سيشاطرني تيهي وخوفي وأوجاعي؟ من يربت على كتفي ويضمني؟ ومن يَحنُّ علي وقد شاب شعر رأسي؟ من يعيد إلي رشدي، وخيباتي كثر؟ من يعلمني أن أشكو بثي وحزني إلى الله، وأن أتيقن كما فعل يعقوب حين قال «أعلم من الله ما لا تعلمون