
Sign up to save your library
With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.
Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Search for a digital library with this title
Title found at these libraries:
Library Name | Distance |
---|---|
Loading... |
كثيرا ما عانيتُ من الشّعور بالقلق، عند تقاطع الطّرقات. ويتهيّأ لي في تلك اللّحظات أنّ في ذلك المكان أو ما يبدو أنّه كذلك: أنّ هناك، على مسافة جدّ قريبة، هناك، على الطّريق التي ما جُبتها والتي أنا الآن عنها أبتعدُ، نعم، هناك، بلد من جوهر أسمى كان ينبلج، حيث كان بإمكاني الذّهاب للعيش فيه، والذي مذّاك أضعته. ومع ذلك، فلا شيء كان يشير ولا حتّى يوحي، لحظة الاختيار، أنّه كان عليّ اتّخاذ تلك الطّريق الأخرى. لقد أمكنني، أغلب الأحيان، أن أتابعها بالنّظر، وأن أتحقّق من أنّها ما كانت تمضي إلى أرض جديدة. لكنّ ذلك لا يهدّئ من روعي، إذ أنّني أعلم أيضا أنّ البلد الآخر قد لا يكون متميّزا بمظاهر للآثار أو للأرض عجيبة. لا ميل عندي إلى الحلم بألوان أو بأشكال مجهولة، ولا بتجاوز لجمال هذا العالم. أحبّ الأرض، وما أراه يغمرني، وحتّى أنّه يحدث لي أن أصدّق أنّ خطّ القمم البيّن، وروعة الأشجار، وحيويّة حركة الماء في قاع وادٍ، وأناقة واجهة كنيسة، بما أنّها، كلّها، كثيفة جدّا، في بعض المناطق، وفي ساعات معيّنة، يحدث أن أعتقد أنّها ما كانت كذلك إلاّ عن إرادة، وأنّها كانت لصالحنا. إنّ لهذا التّناسق دلالة، وإنّ هذه المناظر الطّبيعيّة وهذه الأنواع، والتي هي بعدُ مجمّدة، ولعلّها مغتبطة، إنّها لغة، وإنّه ليكفي النّظر والإصغاء بعمق حتّى يظهر المُطلَق، في نهاية تيهنا. وإذن هنا، في هذا البشير، يكون المقام.