مدار هذه الدراسة على "الأليغوريا" في الشعر العربي الحديث. والأليغوريا في مفهوم مختصر يستجيب للغاية من هذا البحث صورة مجازيّة تنتسج من مادّة سردية وتنطوي دائما على معنى ظاهر وآخر خفيّ. فهي من المجاز الذي يكون في الشعر وفي غيره. وقد حفزنا إلى الاشتغال بهذه الصورة البلاغية أمران، أوّلهما غفلة دارسي الشعر العربي الحديث عنها،على اطّرادها في مدوّنته. فإذا استثنينا مقال صبحي البستاني "الدلالة المجازية في الحكاية الرمزيّة والرمز" وهو لم يُعن بغير الأليغوريا البسيطة المقترنة بالحكاية المثليّة، فإنّنا لم نعثر في المراجع العربية إلاّ على ملاحظات مبثوثة هنا وهناك لا تتعدّى في أحسن الأحوال الصفحات القليلة. وثاني الحافزين شيوع حكم جمالي في النقد الغربي، وهو حكم موروث عن الرومنطقية الألمانية، يغضّ من قيمة الأليغوريا مقارنة بالرمز أقربِ الصور إليها، ويعتبر أنّ طاقتها الشعريّة محدودة وهو ما يحول دون استجابتها لتطلّعات الشاعر الحديث. وقد تبلور هذا الحكم النقدي ابتداء من أواخر القرن الثامن عشر واستمرّ تأثيره في القرنين التاسع عشر والعشرين. غير أنّ اطلاعنا على المنجز الشعري وممارستنا الشعرَ يُسرّان إلينا بقابليّة هذا الحكم للمراجعة.