على الرغم من الدراسـات الـكثيرة التي تناولت مختلف المجالات في العصر العباسي ، إلا إن موضوع ( سـياسـة تعيين ولاة الشـام والجزيرة في العصـر العباسي الأول 132 – 247 هـ / 749 – 861 م ) لم يحظ بما يستحقه من اهتمام الدراسات العلمية الحديثة . لذلك فان دوافع اختيار هذا الموضوع وأهميته ، ربما لا تكمن في ندرة تناول الباحثين له فحسب ، بل في طبيعة عصره الذي تميز بأكفّاء الخلفاء العباسيين حزماً وسياسةً، إلى جانب إمكانياتهم العسكرية والاقتصادية الكبيرة ، ثم في تعامله مع مناطق جغرافية غير اعتيادية مواجهة للعدو التقليدي ( الروم البيزنطيين ) وما فيها من إرث حضاري ، ومزيج سكاني ، نمت فيه حركات المعارضة ، وكثرت فيه النزعات القبلية والثورات المحلية . ووفق ما تقدم ، فمن بين أهداف البحث ، محاولة التعرف على العوامل التي أثرت على السياسة الإدارية للخلافة في تلك المناطق، ثم الوقوف على العوامل المختلفة التي أخذت بها الخلافة في اختيار وتعيين ولاتها هناك من العباسيين أو من الموالي أو غيرهم ، وما لذلك من صلة بنسـبهم والتعرف على صفاتهم ومؤهلاتهم ومواقفهم أزاء النزعات القبلية والمعارضة الداخلية ، ودورهم أزاء التهديد الخارجي لمناطقهم . فهل كانت سياسة الخلافة أزاء تلك المناطق واختيارها لولاتها مناسبة لظروفها ومواقعها ؟. وهل وازنت في سياستها بين القوة والتروي مع ولاتها آنذاك وسكانها ؟. هذا ما سيركز عليه البحث من خلال منهج تاريخي تحليلي .