عندما تجتمع الألوان والحروف والكلمات، تتحول الساحة إلى مشهد إلهي ينبض بالسمفونيات. لا يهم، ما إذا كانت هذه السمفونيات طويلة أم قصيرة.المهم إنها تنقلك إلى ما وراء النجوم، إلى المجرات والأكوان اللانهائية.وعلى الأرض تنقلك إلى أعماق النفس البشرية، حيث القدر والكينونة والموت.ولعل الأخير أكثر إثارة وحيرة ورعبا، ذلك أن الإنسان يبقى حائرا مكتوف اليدين أمام القدر الذي يخطف أعز إنسان إليك. هذه التجربة المرة عاشها حكيم الداوودي أكثر من مرة.وتحولت عيناه إلى جدول تفيض بالدموع وتمنى في داخله نفس المصير.واجتمعت ألوانه وفرشاته وكلماته، كلها دفعة واحد لتعطينا سيلاً متدفقا من الإبداع.ورحنا نقف أمام بيدر من الإبداع، إبداع من نوع جديد. وإذ هو لا يزال في محنته، لا ينسى محنة الإرهابيين والإرهاب:"كل أنهار الوطن لا تغسل ما علق بأجسادهم النتنة.. كل شلالات كوردستان ومياه أهوار الجنوب لا تزيل رائحتهم الكريهة.. جاؤوا باسم قيم السماء..زرعوا الوطن طولا وعرضا بمشاهد الخراب وبالجثث المتناثرة بالثكالى واليتامى".لا أريد بهذه العجالة أن ألعب دور الناقد الأدبي وأتعرض للمجموعة، التي أسمح لنفسي أن أسميها شعرية. إن القارئ الكريم ينبغي أولا أن يقرأ المجموعة ثم يبدي رأيه.آنذاك يجد نفسه ليس أمام كراس صغير، بل أمام كتاب ضخم يحتوي على هموم الإنسانية وعذاباتها التي عاشها الشاعر والفنان حكيم في تنقلاته وتشرده بين إيران وتركيا وأوروبا.