إنّ جمع الشعر وتحقيقه مهمّتان من أكثر المهام مشقّة ومن أجلّها فائدة، أولاهما – وهي مهمّة الجمع – قديمة متجدّدة، بدأت كما هو معلوم منذ القرن الثّاني للهجرة (الثّامن للميلادي) مع مؤلّفي كتب الاختيارات وجامعي دواوين القبائل والأفراد ثمّ اتصلت حلقاتها حتىّ العصر الحديث، والثّانية حديثة نسبيّا تالية للأولى وواقعة عليها مرتهنة بها. وقد برز في الأولى علماء أعلام من أمثال المفضّل الضبّي والأصمعي وابن سلاّم الجمحي وأبي تمّام وابن السّكيب والسكّري وابن قتيبة أو البحتري وأبي زيد القرشي وابن الشّجري وغيرهم ... كما برز في الثانية علماء أعلام من أمثال أحمد محمّد شاكر وعبد السّلام هارون ومحمّد أبو الفضل إبراهيم ويحيى الجبوري وعبد الستّار أحمد فرّاج ومحمّد عبد الغني وإحسان عباس ونوري حمّودي القيسي وشاكر الفحّام وحسين نصّار وغيرهم .... ولولا جهود هؤلاء وأولئك لما وجد البحث في الشّعر ما به يكون وعليه يقع.