يسلط المؤلف في هذا الكتاب الضوء على لبنانين؛ الأولى: لبنان السلطة أو كما أسماها لبنان المزرعة؛ لأنه لم تقم في لبنان سلطة لدولة، بل ما قام فيها هو مؤسسات لشبه دولة، تحولت مع الوقت إلى مزرعة لخدمة بضع مئات من العائلات اللبنانية، تتبارى الصحف مؤخرًا في وصف الفساد والمحسوبية فيها. الثانية: لبنان الشعب، أو الشعب العنيد في مقارعة أهل السلطة في الدفاع عن حقه في وطن حر وعيش كريم، وقد نجح في فترات محددة من فرض قوانين أو إنشاء مؤسسات تقيه ظلم أهل المزرعة، وفي بعض الأحيان انتزع بعض الحقوق والمطالب، فتاريخ لبنان الحقيقي هو تاريخ الصراع بين هذين اللبنانين.كما ألقى المؤلف الضوء على دور لبنان الشعب في معارك الاستقلال، ودور الشعب اللبناني في رفضه للمشاريع والأحلاف العسكرية الاستعمارية بُعَيد الاستقلال.كما يوجد في الكتاب وصف واقعي لحقيقة أزمة نظام لبنان السياسي الطائفي، ورصد لكيفية بدء الحروب العبثية بأعين شاهد عيان. ويستعرض الكتاب كيف تطورت الحروب من حروب لبنانية إلى حروب سورية عربية وإلى حروب إسرائيلية أمريكية غربية.وفي الكتاب متابعة للبذخ المفرط في تنفيذ الأوتوسترادات والمطار وبعض المشاريع الاستعراضية غير المربحة على الصعيد الاقتصادي، والملزمة بطرق غير قانونية للأصحاب والأصدقاء.كما فيه إضاءة على سعي أهل المزرعة إلى ضرب القطاع العام وتخصيصه وتسليمه إلى القطاع الخاص. كما يعرض الكتاب كيف حولوا الدولة اللبنانية الضعيفة أصلًا إلى دولة فراغ، أوقفوا فيها التوظيف وابتدعوا التعاقد الوظيفي إنهاء لديمومتها وللتخلص من التزامات الدولة الراعية.وفي نهاية الكتاب يسلط المؤلف الضوء على أن أهل المزرعة (السلطة) لم يعودوا قادرين على إخفاء أزمة نظامهم السياسي الطائفي، وللتمويه أخذوا يتحدثون عن ضرورة إعادة تأسيس الدولة اللبنانية، في حين أن قوى عديدة من لبنان الشعب أخذت تتظاهر وتعقد مؤتمرات وندوات تدعو جميعها إلى تأسيس دولة الاستقلال والرعاية الاجتماعية.