تعيدني رحابة البيت الريفيّ الذي يجمع أطراف العائلة في المواسم والأعياد إلى ذيّاك الحلم الطّفوليّ... وتنّور الطّين وشجرة التّين... تراودني فكرة البحث عن قدح من طين، أدسّه قرب التنّور الذي ما عاد يلتهب داخله القشّ والأعواد. لعلّ الهلال يذيب داخله خيوطا من أضوائه الفضّية فتتحوّل إلى أحرف من لجين... أبارك ذكرى أمي...كانت تنتزعني من حلمي المخمليّ. تطيح به أمام قسوة أوامرها "هيّا لتغتسلي..." رغى الصابون تلسع عيني، تغمر أجفاني وتتسرب إلى حلقي عبر شفتي كلما فتحت فمي لأحتج أو لأصرخ. أشعر كما لو أنّ رغى الصّابون تنفذ إلى دماغي عبر ثُقْبَيْ أنفي فأفزع من فكرة أنّها قد تصل إلى حروف اللجين التي تشرّبتها من قدح الطين.