سيطر مفهوم الإعلام على اهتمام كثير من الكتاب والباحثين وأخذ أبعاداً كبيرة وكثيرة في شرح صيغه ودلائله وأهميته القصوى في حياة المجتمعات والدول، في الوقت الذي تتسارع فيه عجلة التطور التقني والتكنولوجي المؤدية إلى تحرك الوسيلة الإعلامية في دائرة التطور المفروض بما يؤهلها إلى التنافس واثبات الوجود في عالم الأعلام الحر المتعدد في الغايات والأهداف الإنسانية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وتساوقت تلك الاهتمامات مع طبيعة العمل الصحفي والإعلامي ودور وسائله وطاقم العمل فيها ونتاجها الفكري والثقافي المنهل من واقع المجتمعات وصراعها الوجودي. ورغم تعدد الدراسات والآراء والمواضيع التي تناولت العمل الإعلامي المؤسسي والحر، ما زلنا في عجز وتقصير لتبيان الكيفية التي تتعاطى بها وسائل الإعلام المختلفة في صناعة العمل الصحفي والمهام الإعلامية المراد تحقيقها مبقية على الدور البشري كأداة في الصناعة والإنتاج والتلقي في آن معاً. لقد بين (بندكت أندرسون) في كتابه - الجماعات المتخيلة - الدور الكبير والهام الذي لعبته صناعة الطباعة والصحافة المكتوبة في بدايات ظهورها وانتشارها السريع في القرن السابع عشر وأثرها في تثقيف المجتمعات، التي اعتمدتها مصدر أساس للمعلومة والخبر والركيزة لبناء الوعي السياسي والثقافي وصولاً إلى تأصيل وتعميم مشروع الفكر القومي في أوروبا.